(سام ه) الحرب السورية الآن هي حروب في حرب ؛ أهمها الحرب الباردة – ٢

0
(سام ه) الحرب السورية الآن هي حروب في حرب ؛ أهمها الحرب الباردة – ٢
بقلم الباحث العربي الاستراتيجي :
{ د .كمال_خلف_الطويل }
ذهب حافظ الأسد في نوفمبر ٨٢ لحضور جنازة بريجنيف وتهنئة صديقه يوري اندروبوف بخلافته .. جلس الرجلان ليناقشا كارثة الطيران والدفاع الجوي السوريين في حرب ٨٢ اللبنانية , وكان عتب الأسد شديداً على الفشل السوفييتي الكبير في الحرب الألكترونية

والذي تسبب بتمكين السلاح الأمريكي – المستعمل اسرائيلياً – من تعمية الرادارات السوفييتية وإفشال قدرة عائلة سام- ٢ وسام-٣ وسام- ٦ على اعتراض الطيران الاسرائيلي المهاجم , بل وإفشال رادارات المقاتلات السورية التي صعدت الى السماء لتعويض شلل الدفاع الجوي فإذ بها تتساقط كالفراشات , بالعشرات , بواسطة ف- ١٥ & ف- ١٦ … أدرك اندروبوف ان هزيمة الطيران والدفاع الجوي لسوريا هي هزيمة نكراء للاتحاد السوفييتي ومنظومة أسلحته فقرر إرسال بطاريات سام- ٥ بكوادر سوفييتية لتنتشر فوق الجغرافيا السورية , في يناير ٨٣ … بعدها بشهور عشرة أسقط الدفاع الجوي السوري قاذفتين أمريكيتين فوق لبنان .

مذاك لم يستعمل سام- ٥ أبداً , إلا اليوم .. وأسقط ف- ١٦ فوق أصبع الجليل ؛ معنى هذا الكلام ان قرار اندروبوف يومها تناسب مع وجود ف- ١٥ & ف- ١٦ في الترسانة الاسرائيلية , أي منذ ثلث قرن .. هذا لا ينفي تطوير مجسات الصاروخ الالكترونية منذ ذلك الوقت

القرار السوري باستعمال الصاروخ أمس لم يُعترض روسياً , كردٍ على توفر مضادات طيران بيد الكونترا الأمريكية (ولو أن القاعدة استولت عليها أو اشترتها لاحقاً منها) أسقطت سوخوي- ٢٥ فوق ادلب .. و الأهم , رداً على قصف جسر خشم العائم ومقتل جنود روس عليه بفعل قصف مدفعي-جوي أمريكي قتل أيضاً عشرات من عناصر القوات “الحليفة” , ودفاعاً عن “وحش” الكردي

الحرب السورية الآن هي حروب في حرب ؛ أهمها الحرب الباردة- ٢ , فيها وفوقها وعليها , وهذه ستتصاعد بحكم طبيعتها .. وإن فتَرت هدنةً هنا وهناك ؛؛ البنتاغون يريد دفع روسيا وايران خارجاً , لكن عتلته المحلية هي وحش أساساً ( فالعشائر “العربية” تستأجر ولا تشترى , وهي عموماً مع “الواِقف” ) وقوته المباشرة محدودة وإن تميزت نوعياً …..
في المقابل , فروسيا لا تريد تعظيم قوتها المباشرة في الميدان خشية إطالة استنزافها , وإتكالها أساساً هو على الطيران ومفارز كوماندوس .. ليس أمامها إلا الجيش السوري , وقواته “الحليفة” – اقرأ ايران – , وهما منخرطان في حروب “أخرى” ضد: الكونترات السعودية والقطرية في الغوطة والوسط والشمال والجنوب , داعش في الوسط والشمال , القاعدة في الشمال , بل وحتى التناوش مع تركيا في الشمال

قرار التعرض روسياً – وايرانياً – للولايات المتحدة ميدانياً يتطلب تفاهماً مع تركيا , لفك الاشتباك بين كل الأطراف في الشمال وتركيز جهد الجميع على تقويض وحش – عماد الوجود الأمريكي … الشكوك المتبادلة لا تقطع برجحان ذلك , وسنرَ إن استطاعت قمة انقرة توفيره .

حملة عفرين التركية لن تفضي الى نتيجة حاسمة بتقويض وحش فيها الا اذا تخلت سوريا وايران عن “دعمها” ..
تحتاج تركيا ان توقف , في المقابل , تمددها قرب حلب وأن تلجم كونتراها في الشمال والوسط …. بغياب تفاهم ثلاثي شامل وجدي سيواصل البنتاغون زيكزاك إهانة العسكرية الروسية في الميدان , سيما عشية انتخابات الرئاسة الروسية ( في المقابل , سيتجنب بوتين الرد المباشر قبل الانتخابات مما سيسمح بمزيد من التعرض لاسرائيل عوضاً ) .

اسرائيل تخشى سنوح فرصة عصيان شامل في الضفة والقدس .. لا تفهم ما جرى لصواريخ جمرايا منذ ايام ( اعترض بعضها ودمر ) .. تلتاع لسقوط ال ف- ١٦ ( وأيضاً هليوكبتر ) .. تقلق لتزنير جنوبها اللبنانو-سوري بشبكة صواريخ – بر وجو – دقيقة .. تتلافى حرباً في غزة .. تهلع لوجود داعش شمال سيناء (وحوض اليرموك) .. وتحسّ بمحصلة ذلك كله: تضاؤل وزنها الوظيفي , ومردوده عند الراعي الأمريكي

( لافت مواظبة داعش على قضم وجود القاعدة في الوسط .. أتوقف أمامه.)

• د. كمال خلف الطويل

 

قد يعجبك ايضا
اترك رد
آخر الأخبار