من الذاكرة الفلسطينية (أم علي النصراوية) أم الشهداء

0
من الذاكرة الفلسطينية (أم علي النصراوية) أم الشهداء
الذكرى العاشرة لرحيل المناضلة شمسة أمين طه (أم علي النصراوية) أم الشهداء
من منا لا يعرف أم على النصرواية أم الشهداء، فقد سمع عنها، ومن عرفها فقد عرف عنها أنها تلك الأم الحريصة على أبنائها المقاتلين الفدائيين، أم علي أسم يتردد على لسان جميع المقاتلين في لبنان، في الجنوب كما في الشمال، في الجبل والبقاع كما في بيروت.
الكل يعرف أم علي، لأن أم علي حاضرة وموجودة بينهم، لأنها منهم وهم منها.
أم علي النصراوية كانت تردد لن أرمي البارودة من يدي، لأن أم علي تعرف أنه بدون البارودة لن ترجع فلسطين، وهي لذلك كانت تقول لأبنائها الفدائيين (شدوا حيلكم ومشواركم طويل ولازم نستمر في القتال).
شمسه أمين طه من مواليد مدينة الناصرة عام 1930م، تربت وترعرعت في أزقتها، وهجرت مدينتها الناصرة عام 1948م، إلى لبنان لتستقر وتسكن في مخيم شاتيلا، تزوجت من محمد كيوان وأنجبت ثمانية أفراد (خمس من الأبناء وثلاثة من البنات).

تحن أم علي إلى الناصرة وتريد الرجوع إليها وهي لذلك تقاتل وتحمل السلام وتحث أبناءها على القتال، لأن اسرائيل عندما أحتلت فلسطين ما عاد غير القتال يحررها كما تقول، ولأنها تناضل من أجل فلسطين فقد سجنت ثلاث مرات في سجون السلطة اللبنانية والمرة الرابعة سجنت من قبل قوات الردع السورية التي كانت ترابط في لبنان وأودعت سجن خلدة.

تقول أم على النصراوية عندما انطلقت حركة فتح وأصبح لها وجود على الساحة اللبنانية صارت لي علاقة بها واستمريت أنا وأولادي، اشتغلت بتنظيم حركة فتح وكذلك الشؤون الاجتماعية والمستشفيات وكل شيء كنت أقوم بعمله، علاقتي بفتح صارت واضحة وصار بيتي قاعدة للفدائيين، وكنت أطلع بالمظاهرات ضد السلطة اللبنانية تقول أم علي النصراوية اعتقلت في أول مظاهرة شاركت فيها عندما أستشهد جلال كعوش عام 1966 في أقبية المخابرات اللبنانية وأودعت السجن حيث كانت تضرب وتعلق من أرجلها.

ولأن أم علي النصراوية وبيتها قاعدة للفدائيين في المخيم فقد قصف هذا البيت مرتين الأولي من قبل الجيش اللبناني عام 1973م والثانية من الجيش السوري بعد دخوله إلى بيروت هكذا تقول أم علي.

وأم علي كانت تنشد للفدائيين وتزغرد لهم حيث لها ثلاث شهداء الأبن البكر على محمد كيوان الذي أستشهد عام 1969م عندما حاصر الجيش اللبناني المخيم حمل على السلاح ليدافع عن المخيم، والثاني أسامة محمد كيوان وأستشهد خلال الحرب الأهلية التي عصفت في لبنان بتاريخ 23/09/1976م في منطقة الفنادق خلال اشتباك مع قوات الكتائب، والثالث أستشهد فيما بعد، أما أبنها الرابع فتحي فقد أصيب بمرض عقلي نتيجة الضرب الذي لاقاه على أيدي المخابرات اللبنانية، ومع ذلك فقد كانت تقول أم علي أنها وابناءها الباقيين فداء للثورة الفلسطينية، وقد حرص الأخ أبو عمار والقيادة الفلسطينية على زيارة أم علي باستمرار.

كانت أم علي تطبخ للمقاتلين وترافقهم إلى معسكرات التدريب، وكانت تزور الجرحى في المستشفيات وعائلات الشهداء، كما كانت تساهم في ترتيب جنازات الشهداء وترافقهم حتى مقبرة الشهداء.

أم علي النصراوية عندما بدأت تقود المظاهرات كانت ترقص بالكلاشنكوف في جنازات الشهداء. منحت أم علي درع قوات العاصفة عام 1976م.

بعد استشهاد ابنها الأول اسامة أصبح هم أم علي نقل الشهداء والجرحى من مواقعهم، كانت تركب سيارة الاسعاف وتقرأ آيات من القرآن الكريم حيث أعطت جل وقتها للشهداء وعائلاتهم.

كانت أم علي أم الشهداء رمزاً وطنياً رائعاً لصمود وبسالة المرأة الفلسطينية التي تعيش في المخيمات والشتات وتنتظر الفرصة للعودة إلى الديار، أم علي كانت تعبر عن أصالة هذا الشعب المناضل المكافح، لقد أضحت أم علي النصراوية وبعد استشهاد أبنائها أماً لكل الشهداء الذين كانوا ينادونها بالأم، كانت أم علي فعلاً مثالاً للمرأة الفلسطينية المناضلة التي يحتذي بها.

خلال اجتياح اسرائيل للبنان عام 1982م، انشغلت أم علي في جمع أشلاء وجثث الشهداء من بين أنقاض المدينة الرياضية في بيروت، وبعد خروج قوات الثورة الفلسطينية ومغادرتها العاصمة رفضت أم علي الالتحاق بقوات الثورة في المنافي، غادرت المخيم بعد مجزرة صبرا وشاتيلا إلى دمشق، واستقرت هناك.

توفيت ام علي (شمسة أمين طه) في دمشق بتاريخ 26/08/2006م ودفنت هناك.

رحم الله المناضلة/ شمسة أمين طه (أم الشهداء) وأسكنها فسيح جناته

بقلم لواء ركن/ عرابي كلوب

قد يعجبك ايضا
اترك رد
آخر الأخبار