تل أبيب: انهيار السلطة مسألة وقت

0

العديد من المسؤولين الفلسطينيين يخشَوْن من أنّ التنسيق الأمنيّ مع إسرائيل يجعلهم عملاء تمامًا مثل أنطوان لحد
الناصرة – من زهير أندراوس: ما زالت قضية انهيار السلطة الفلسطينيّة أوْ عدمه، تُشغل صنّاع القرار في تل أبيب، علاوة على مراكز الأبحاث والعديد من المُحللين في الإعلام الإسرائيليّ، حيث يُركّزون على تبعات هذه الخطوة الـ”ـدراماتيكيّة” على الأمن القوميّ للدولة العبريّة، وعلى مدى أشهر قال سياسيون إسرائيليون رفيعو المستوى، إنّ تهديد السلطة الفلسطينية بوقف التنسيق الأمني هو كلام فارغ.
علاوة على ذلك، صرح السياسيون، ومن ضمنهم وزراء كبار، مرارًا وتكرارًا، بأنّ من شأن ذلك أنْ يكون خطوة انتحارية للسلطة الفلسطينية ورئيسها محمود عباس. ولكن الاقتراح الذي طرحته المؤسسة الأمنيّة الإسرائيليّة على السلطة مؤخرً، والقاضي بإعادة المسؤولية الأمنية على رام الله وأريحا حصريًا للسلطة الفلسطينية، ووقف الاعتقالات التي ينفذها الجيش الإسرائيلي في هذه المناطق، تظهر مدى الجدية التي تتعامل فيها مع هذا التهديد، على حدّ تعبير مُحلل الشؤون الفلسطينيّة في موقع (تايمز أوف أزرائيل)، آفي أيسخاروف.
الاقتراح الإسرائيليّ، شدّدّ المُحلل، لم يكن مجرد نزوة، وممثلون عن كل الوكالات المعنية، الجيش ومنسق أنشطة الحكومة في الأراضي وجهاز الأمن العام (الشاباك)،حضروا الاجتماع مع مسؤولي السلطة الفلسطينية الذي عُرضت فيه الفكرة.
الاقتراح بحدّ ذاته، تمّت المصادقة عليه من قبل رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ووزير الأمن موشيه يعالون، على الرغم من أن تصريحاتهما السابقة، التي أدلوا بها مرات عديدة، أشارت إلى أنهما لا يعتقدان بأنّ استمرار التنسيق الأمني في خطر.
ولفت إلى أنّه من الواضح أنّ مسؤولي الأمن الإسرائيليين يرَوْن بوقف التعاون كخطرٍ حقيقيٍّ وكسيناريو واقعيّ على ضوء التطورات التي تحدث على الأرض. كما أشار إلى أنّ السلطة الفلسطينية رفضت الاقتراح وطالبت إسرائيل بتقديم جدول أعمال شامل لإنهاء تام للاعتقالات في المناطق الخاضعة للسيطرة الفلسطينية، وليس فقط في رام الله واريحا. لكن ما سبب الرفض؟ وهل تنوي السلطة الفلسطينية حقًا توقيف التنسيق الأمني في حال رفض هذه الشروط، كما على الأرجح أن يحصل؟ وتابع إيسخاروف قائلاً: يبدو من تصرفات المسؤولين الرفيعين في رام الله أنّ السلطة فعلاً فقدت الأمل، لدرجة أنْ تكون مستعدةً لاتخاذ خطوة كهذه، مستعدة أنْ تنهار مع اسرائيل.
ويشير المسؤولون، بحسبه، إلى انعدام عملية السلام الدبلوماسية، استمرار البناء في المستوطنات، الاعتقالات التي لا زالت تحدث بشكل يومي في مدن الضفة الغربية، الاقتصاد المتضعضع، وجيل شاب عدائيّ أكثر فأكثر اتجاه السلطة الفلسطينية وعباس. ويقولون إنّ كلّ هذا خلق وضعًا فيه تُواجه السلطة الفلسطينية ووكالات أمنها خيارات فقط: الانهيار بسبب خطوات إسرائيلية (أوْ انعدامها)، أوْ الانهيار نتيجة خطوات اتخذتها السلطة بنفسها. وقال أيضًا إنّ أحد المسؤولين الفلسطينيين قال إنّه من بين الخيارين، أنا أفضّل الثاني.
وردًّا على شكوك القيادة الإسرائيليّة، نظرًا لإصدار السلطة تهديدات كهذه منذ زمن طويل، قال هذا المسؤول، الأوضاع لم تعد على ما هي. تغيرت العديد من الأمور مؤخرًا، بحسب تعبيره. ورأى المُحلل الإسرائيليّ أنّه على ارض الواقع، يبدو التنسيق الأمني ناجحًا، وتشيد السلطات الأمنية الإسرائيلية بنجاحه. ويستمر اعتقال المعتدين وتبادل المعلومات بين الطرفين، وتفرق وكالات أمن السلطة المظاهرات.
ولكن بينما تزداد الانتقادات في الطرف الإسرائيليّ لدور عباس ونظامه في تأجيج موجة العنف الجارية، في الطرف الفلسطيني أيضًا هناك كلام معاكس حول انعدام الثقة والأمل، وانهيار شرعية السلطة الفلسطينية الناتج لدى الشعب، لافتًا إلى أنّ الإحباط واليأس عميقين ولا يرى الفلسطينيون أي إمكانية لتحسين أوضاعهم في المستقبل القريب. وبدون إمكانيات تقدم نحو الدولة، زاد إيسخاروف، تخشى السلطة الفلسطينية وقيادة فتح بأنّ التنسيق الأمنيّ مع إسرائيل تجعلهم يبدون كعملاء، تمامًا كما نظر اللبنانيون إلى جيش لبنان الجنوبي، تحت قيادة الجنرال أنطوان لحد، عندما ساعد إسرائيل على الحفاظ على سيطرته على جنوب لبنان حتى انسحاب الجيش عام 2000. وهناك قلق في الأجواء الحالية بأنْ تضعف السيطرة على وكالات الأمن، وحماس تعمل جاهدًا على إقناع عناصر أمن السلطة بتوجيه أسلحتهم إلى إسرائيل.
وتابع المُحلل قائلاً: تُدرك الشخصيات البارزة في السلطة الفلسطينية أن عباس ونظامه، وليس فقط إسرائيل، سيتضررون من انتهاء التنسيق الأمنيّ. وأشار إلى أنّ التعاون مع إسرائيل يُساعد السلطة الفلسطينية على مواجهة حماس وأعداء آخرين. وأنّ انتهاء التشارك في المعلومات الإستخباراتية سيكون ضار جدًّا لكلا الطرفين، نظرا إلى منع السلطة الفلسطينية لعدة هجمات ومخططات ضدّ إسرائيل، بينما الأخيرة كشفت ومنعت هجمات ضّد السلطة. وإنْ ينتج انتهاء التنسيق بمنع إسرائيل لقوات السلطة بالعمل في بعض المناطق، قال المُحلل، فإنّ هذا قد يعرقل قدرة السلطة الأساسية على الحكم، وهذا أيضًا يُعزز القلق لدى المسؤولين الرفيعين في السلطة الفلسطينية بأنْ تنهار السلطة وأنْ يتّم اتهامهم بالعمالة مع العدو.
وقال أيضًا إنّه ما زال بعض المسؤولين في السلطة يأملون بأنْ تقبل إسرائيل توقيف النشاطات العسكرية، بشكل تدريجي، في إنحاء الضفة الغربية، ولكن نظرًا للاعتقاد المنتشر في ائتلاف نتنياهو بأنّ موجة الهجمات الحالية ستكون دامية أكثر بدون نشاطات الجيش والشاباك في تلك المدن، احتمال تحقق هذا ضئيل جدًا.
وفي نهاية الأمر، خلُص المُحلل الإسرائيليّ إلى القول، يبدو أنّ الطرفين يُدركان أنّه بالرغم من سفك الدماء الحالي، الحقيقة هي أننا في مرحلة سيطرة نسبة، وهدوء نسبي، قبل العاصفة الحقيقية: انتهاء التنسيق الأمنيّ، انهيار السلطة الفلسطينية، تصعيد الهجمات، وعدة نتائج سيئة أخرى، على حدّ تعبيره.

قد يعجبك ايضا
اترك رد
آخر الأخبار