منظمة التحرير الفلسطينية وشعارات :(وحدة وطنية _ تعبئة قومية_ تحرير)..بين مرحلة التأسيس واليوم.

منظمة التحرير الفلسطينية وشعارات :(وحدة وطنية _ تعبئة قومية_ تحرير)..بين مرحلة التأسيس واليوم.

مر ما يقرب ستة عقود على تشكيل منظمة التحرير الفلسطينية (٢٨/٥/١٩٦٤).التي تأسست بقرار رسمي عربي من قبل القمة العربية التي عقدت إجتماعها في القاهرة بنفس العام.
وتولى حينها المرحوم أحمد الشقيري رئاسة المنظمة.
وبقي ارتهان المنظمة للمعادلة العربية الرسمية الذي إستمر لحين إنضمام عدد من الفصائل الفلسطينية لمؤسساتها وتشكيلاتها العسكرية بعد انطلاق الثورة الفلسطينية المعاصرة عام ١٩٦٥.
كان لحركة فتح سبق القصب في قيادة المنظمة حيث تولى الراحل ياسر عرفات رئاسة اللجنة التنفيذية للمنظمة في شباط عام ١٩٦٩ في دورة المجلس الوطني الخامسة.
ورغم وضع ميثاق للمنظمة والاعتراف بالمنظمة كممثل شرعي وحيد فقد بقي التجاذب على وحدانية التمثيل الى حين من قبل بعض الأنظمة العربية ، إلى أن تم إعتراف الأمم المتحدة والنظام الرسمي العربي عام ١٩٧٤ بقمة الرباط وذلك بحصر التمثيل الموحد للشعب الفلسطيني.
رغم ملابسات تشكيل المنظمة بقرار عربي فان انخراط عدد من الفصائل الفلسطينية الكبرى مؤسسات المنظمة أكسبها شعبية أكبر خاصة بعد انطلاقة الثورة الفلسطينية وبداية مرحلة الكفاح المسلح.
خروج المنظمة عن السقف العربي الرسمي في السياسات والتحالفات راكم انجازات وطنية فلسطينية لتعيش المنظمة مرحلة ذهبية بفعل الشراكة الوطنية وازدياد وتيرة الكفاح المسلح وبعد أن شبت المنظمة عن الطوق العربي المسقوف لها.
شكلت المنظمة ما يشبه الجبهة الوطنية العريضة وأصبحت المنظمة الأداة الكفاحية لشعبنا.
وحظيت المنظمة بمكانتها وترسخ حضورها وتمثيلها في أوساط وصفوف الشعب الفلسطيني كمنجز وطني ومعبر عن الهوية والشخصية الوطنية.
مع إخراج منظمة التحرير من لبنان بعد إجتياح عام ١٩٨٢ وخروج تشتت قواتها خارج دول الطوق بفعل اتفاق فيليب حبيب مع قيادة المنظمة المتنفذة ، تبنت المنظمة خيار التسوية بشكل رسمي وتعاطت مع مشاريع التسوية من مشروع (فهد الى ريغان ).
سبق ذلك النهج التسووي ماسمي بالنقاط العشر الأمر الذي أدخل المنظمة بازارات المساومات والتنازلات السياسية و
ميادين التفاوض العلنية والسرية . فانتعش فكر التسوية في الساحة الفلسطينية ورفعت شعارات غصن الزيتون أو البندقية تعبيرا” عن خيار السلام المزعوم الذي أوصلنا نهجه الى اتفاقات مدريد وأوسلوا وملاحقه السياسية والاقتصادية والأمنية.
لم تعد التسوية وجهة نظر عند البعض في الساحة الفلسطينية بل ترسخ لنهج رسمي رغم المعارضات الوطنية له ، ترافق ذلك مع عملية ترويض وكي للوعي الوطني، من قبول حل الدولتين وصولا” للاعتراف بالكيان الغاصب مطعما” بالتنسيق والتعاون الأمني.
وتوج كل ذلك بمحاولات إرضاء الادارة الأمريكية بحضور كلنتون الرئيس الأمريكي حفلة وهمروجة تعديل الميثاق في المجلس الوطني الفلسطيني الذي عقد في غزة عام ١٩٩٦ والذي أفضى لالغاء أهم بنود الميثاق الوطني الفلسطيني المتعلقة بالهوية والحدود والأهداف الاستراتيجية .وفتح الطريق لوسم الكفاح الفلسطيني بالارهاب تعبيرا” عن حسن النوايا الفلسطينية بالسلام ولقبولها في نادي التسوية العربية .
لتنتهي بذلك مرحلةوشعارات المنظمة و الثورة وتحالفاتها القومية من الوحدة الوطنية للتعبئة القومية للتسوية بدل التحرير. تمهيدا” لمرحلة بناء السلطة الفلسطينية المقيدة باتفاقات أوسلو وملاحقه ، بذلك طويت مرحلة من مراحل الثورةو الأهداف الاستراتيجية وعلاقات الشراكة الوطنية. لصالح هيمنة نهج التسوية الأمر الذي عمق الانقسام الفلسطيني وغيب المنظمة ، وغابت فيه القواسم المشتركة للوحدة الوطنية.
النهج السياسي للقيادة الفلسطينية المتنفذة الذي أفضى للانقسام الوطني والجغرافي بوجود سلطتين فلسطينيتين تحت حراب وبسطار الاحتلال .
ما كان ذلك ليحصل لولا خطيئة وخطايا و تجاوز حالة الاجماع الوطني والقواسم المشتركة للوحدة الهشة أصلا”التي سادت عقود.
إن واقع الحال اليوم تدفعنا للتبصر بالاسباب التي أوصلت المنظمة و قضيتنا وممثلناالشرعي الوحيد وحقوقنا الوطنية الى هذا المنحدر وحالة الهبوط الوطني.
منظمة التحرير بين التأسيس واليوم مرحلة خلالها جرت مياه كثيرة مليئة بالتنازلات والرهانات الخاسرة.
دون أن ننسى محطات الشموخ والصمود في غزة ومن خلف القضبان جراء نضالات وتضحيات الحركة الوطنية الأسيرة وتشبث أهلنا في ال ٤٨ وصمودهم على أرضهم ،وفي مواقع اللجوء والشتات والمهاجر بحقوقهم . وما قدمته الانتفاضتين من انجازات ( الانتفاضة الأولى عام ١٩٨٧ و الانتفاضة الثانية عام ٢٠٠٠) .
الانتفاضتين التي جرى توظيف مفاعيلهما للأسف في مجرى التفاوض وقدمت التنازلات المجانية التي لم يحصد أصحابها إلا الأوهام والسراب حتى الأن.
اليوم ما يصنعه أسرى الشعب الفلسطيني من خلف القضبان وكذلك تضحيات وعمليات عرين الاسود من كافة القوى والتشكيلات الوطنية في الميدان وفي ساحات الوغى ،من معركة سيف القدس وأخرها ثأر الأحرار ، يبعث على الأمل بمعناه الوطني بامكانية تجاوز واقع الحال البائس للمشهد الرسمي الفلسطيني ، عبر تشديد النضال لاستعادة حضور المنظمة كأداة كفاحية ومعبر عن التمثيل الواسع لشعبنا وأطيافه المختلفة ، واستعادة المنظمة المخطوفة والمرتهنة لخطها وميثاقها الوطني والقومي كأداة تحرير لفلسطين من النهر الى البحر.
المدخل لاستعادة كل ذلك عبر التمسك بخيار ومحور المقاومة ووحدة الساحات والميادين من غزة للضفة والقدس وال ٤٨
والتفاف اهلنا في المخيمات كلاجئين وتمسكهم بحق العودة.
هذا هو الطريق الوحيد للمراجعة واستعادة صورة وتمثيل المنظمة وروحها الكفاحية عبر عملية فرز وطني مقاوم ، على المبادئ والحقوق ، لا يساوم .
تكون فيه المنظمة(منظمة تحرير فلسطين) قيادة للنضال الوطني ، المنظمة التي ترسخ الوحدة بشراكة وطنية في القيادة والقرار والمقاومة.
حينها فقط تستعيد المنظمة مكانتها ووظيفتها وحضورها التمثيلي والشعبي الواسع كأداة تحرير لفلسطين ،
كل فلسطين.

وديع ابوهاني
اعلامي فلسطيني
٢٨/٥/٢٠٢٣

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة.

آخر الأخبار