لجنة دعم الصحفيين ترفع توصيات اللقاء التشاوري “اعلاميات فلسطينيات يواجهن التحديات والعقبات داخل فلسطين وخارجها”

في أجواء الاحتفال بيوم المرأة العالمي 2021 اختاري التحدي”، عقدت لجنة دعم الصحفيين في جنيف (JSC) لقاء تشاوريا افتراضيا تحت عنوان اعلاميات فلسطينيات يواجهن التحديات والعقبات داخل فلسطين وخارجها ” عبر تطبيق Zoom مساء السبت في 20 آذار-مارس 2021. 

خلال اللقاء التشاوري الافتراضي، تحدثت كوكبة من الاعلاميات الفلسطينيات عن العقبات التي تواجهها الاعلامية الفلسطينية داخل فلسطين وخارجها، فاوردن ما استطعن واستطاعت وزميلاتهن تخطيها، وما لم يستطعن بعد مواجهته في ظل امعان الاحتلال الاسرائيلي في استهدافهن وانتهاك حوقهن في فلسطين المحتلة وغياب القوانين العادلة والمنصفة بحقهن في الدول التي يعملن فيها خارج فلسطين.  

وقد شاركت في اللقاء التشاوري كل من الصحفيات والاعلاميات اسراء البحيصي (من غزة-فلسطين)، جيهان عوض (رام الله-فلسطين)، راما قضباشي (من دمشق-سوريا)، سنى حمود (من صيدا-لبنان)، صمود غزال (من بيروت-لبنان)، والباحثة وفاء بهاني (من بيروت-لبنان)،

وقد خلص اللقاء التشاوري الى تقديم توصيات لرفع العقبات التي تواجه الاعلاميات الفلسطينيات وتحد من قدرتهن على تحقيق طموحاتهن المهنية (مرفقة مداخلة كل من الاعلاميات المشاركات).
ان لجنة دعم الصحفيين، وبناء على مداخلات الاعلاميات والتجارب الحية التي اوردنها عن التحديات والمعاناة التي تواجهنها يوميا سواء داخل فلسطين او خارجها، تطالب الجهات الدولية الناظمة لعمل الصحافة والضامنة لحق الصحفيين والصحفيات بالحماية وبظروف عمل آمنه تحترم الكرامة الإنسانية وترفض العنصرية والتمييز بمختلف اشكاله كما الحكومات المحلية في دول انتشار اللاجئين الفلسطينيين:

  1. المنظمات الدولية وكافة المؤسسات الحقوقية والإنسانية، وفي مقدمتها الاتحاد الدولي للصحفيين، بالضغط على سلطات الاحتلال الاسرائيلي للالتزام بالقانون الدولي الانساني، لاسيما اتفاقيتي جنيف الثالثة والرابعة للعام 1949، وغيرها من المواثيق والمعاهدات التي تنص بشكل واضح وصريح على اعتبار الصحفيين والإعلاميين والمؤسسات الإعلامية اعياناً مدنية يجرم التعرض لها في العمليات العسكرية.
  2. الأجهزة الأمنية الفلسطينية باحترام التزاماتها لحماية الصحفيين وتأمين سلامتهم ومنع ملاحقتهم ومضايقتهم او حتى احتجازهم واعتقالهم على خلفية نشاطهم الصحفي، عملا بمبادئ القوانين الدولية وفي مقدمتها المادة 19 من الإعلان العالمي لحقوق الانسان.
  3. النقابات والاتحادات الفلسطينية المعنية بالعمل الصحفي والإعلامي بالترفع عن الانقسامات السياسية والتزام ميثاق شرف الصحفيين، حماية لحق جميع الإعلاميين والاعلاميات بالانتساب الى النقابة وتحقيق الاستفادة القصوى من التقديمات المتاحة بناء على الكفاءة والجدارة المهنية، كما بمتابعة قضايا الإعلاميين والاعلاميات مع الجهات المختصة في حال التوقيف او الملاحقة حماية للحق المقدس في حرية الراي والتعبير والحق في النشر.
  4. المنظمات الدولية المعنية بشؤون اللاجئين بمتابعة شؤون وقضايا الإعلاميين والاعلاميات على وجه الخصوص، لمتابعة ابرام الاتفاقيات والمعاهدات اللازمة لتأمين حق اللاجئ الفلسطيني في تقرير مصيره ودراسته ومجال تخصصه، ولمناهصة التمييز والعنصرية التي يتعرض لها اللاجئ في بلاد اللجوء.
  5. الاتحاد الدولي للصحفيين باتخاذ إجراءات تضمن حق الإعلاميين الفلسطينيين اللاجئين خارج فلسطين المحتلة بممارسة الصحافة والعمل الإعلامي بطريقة قانونية ومقبولة من كافة الجهات الدولية.
  6. سلطات الدول المضيفة للاجئين الفلسطينيين باحترام حقوقهم المدنية والسعي لتوفير ما امكن من دعم للإعلاميين والاعلاميات من اللاجئين الفلسطينيين على أراضيها لممارسة مهنة الصحافة والاعلام.
  7. المنظمات الدولية ووسائل الاعلام بتكثيف برامج المصارحة والتواصل بين اللاجئين والبلدان المضيفة رفضا لاي انحيازات عنصرية ضد اللاجئين، وما قد ينتج عنها من خطاب كراهية مرفوض تجرمه المحافل الدولية وتنهى عنه.
  8. المنظمات الدولية والأجهزة الحكومية المعنية بالسعي لتأمين الدعم النفسي اللازم للاعلاميات والصحفيات الفلسطينيات لمساعدتهن على تخطي الصدمات النفسية التي يعايشنها خلال تغطية الاخبار الصادمة وما يستتبعها.
  • مداخلة الاستاذة وفاء بهاني (الاعلامية والباحثة في الشأن الفلسطيني ومديرة مركز قبة الصخرة للاعلام)

“اليوم نحن بحاجة الى تسليط الضوء على العقبات والتحديات واولاها ان مهنة الصحافة والاعلام من المهن الممنوعة على الفلسطيني في لبنان وبالتالي هي لا تسجل في نقابة الصحافة او وزارة الاعلام ، يعني لا حماية رسمية ولا نقابة تدافع عنك. لا ضمان صحي ولا تعويض نهاية خدمة ولا تستطيعين التدرج في الوظيفة طبقا لإمكانياتك، اضافة الى المحسوبيات والازمات المالية التي تعج بها المؤسسات الاعلامية. الصحافة مهنة المتاعب والتحديات، وهي مهمة ومهنة شاقة على الرجل فكيف مع مهمة المرأة. طرحنا اليوم هو للنهوض بواقع الاعلام الفلسطيني وتطويره ورفع ادائه ليكون قادرا على المنافسة في عالم بات الاعلام يلعب فيه دورا متزايدا مع التطورات المتسارعة في تكنولوجيا المعلومات للوصول الى الراي العام المحلي والدولي. كما اننا بحاجة الى النهوض بواقع الاعلاميات خاصة في ظل الرؤية وتفاقم المحسوبيات في التوظيف في العمل الاعلامي. هذا اذا ما انتقلنا الى الصعوبات الاجتماعية والشخصية التي تواجه الاعلاميات وتؤثر على ادائهن هو قلة التقدير لهن ولدورهن وتعدد الالتزامات للإعلامية له اثر مزدوج، خاصة اذا رافقه عدم تفهم من قبل الاسرة والعادات والتقاليد غير المشجعة احيانا لعمل المرأة، حتى ان اقتضت الضرورة ذلك. ونحن نعلم ان وجود جو اجتماعي متفهم لعمل الاعلامية يعطيها هامشا من الحرية ويساعدها على الابداع والتميز. ولكن اذا كان هناك مضايقات ومعوقات اجتماعية فيحد من حرية الإعلامية ومن قوة العمل أيضا. وفيما يتعلق بالصعوبات المرتبطة بالمؤسسة، فأولاها هي التمييز في التوظيف الذي بلغ حد ان تشترط احدى المؤسسات في إعلانها عن وظيفة متوفرة ان يكون المتقدم رجلا او امرأة عزباء، مما يعني اغلاق الباب امام الكفاءات النسائية لشغل هذه الوظائف وهذا يشكل دليلا صارخا على التمييز ضد الاعلاميات ويضاف الى ذلك تدني الأجور والحوافز وقلة الأدوات والمعدات اللازمة وتهميش دور الإعلامية من قبل زملائها وقلة التشجيع والتقدير من الإدارة.
كثيرة هي التحديات التي تواجه الإعلامية عامة والفلسطينية خاصة ، الا انه رغم الظروف القاهرة فان الإعلامية الفلسطينية ببساطة المقدرات وفي ظل العصوبات القاهرة التي تواجهها انها قادرة على تحمل المسؤولية واثبات الجدارة والقيام بالمهمة على اكمل وجه فضلا عن قدراتهن الإبداعية، صوتا وقلما أداء ومحتوى فكرة وموضوعا اذ أصبحت الإعلامية الفلسطينية تمارس النضال والمقاومة ، ولو كانت خلف جهاز حاسوبها او تحمل قلمها او بواسطة هاتفها النقال، فالف تحية للاعلامية الفلسطينية المناضلة … كثيرة هي الوجوه الإعلامية النسوية الناجحة واللامعة والمجال لا يتسع لذكرهن وتعدادهن ولكنهن حاضرات في جميع وسائل الاعلام المحلية والدولية وأتمنى لهن ولكل الطموحات العاملات بجد واجتهاد المزيد من النجاح والتقدم والتميز وان يكون الملتقى وسيلة لتطوير عملهن ومساندتهن في عملهن والنهوض بمهنتهن الشاقة المقدسة.

  • مداخلة الإعلامية اسراء البحيصي (مديرة مكتب قناة العالم في غزة-فلسطين)

“جميل ان نسمع للإعلاميات الفلسطينيات في الداخل والخارج، والاجمل ان نأخذ بتوصياتهن وهذا املنا من هذه الفعالية. بالنسبة للإعلامية الفلسطينية في الداخل وقطاع غزة خصوصا، فالإعلامية الفلسطينية تواجه الكثير من المعيقات، ولعل اقلها الاجتماعية منها ثم القانونية والاكبر والأخطر والاعمق انتهاكات الاحتلال الإسرائيلي. واسمحوا لي ان أسجل انتصارا للمرأة الفلسطينية في فلسطين وفي غزة تحديدا لاعتباراته العائلية الضيقة التي تتعلق بعمل المرأة في العشر سنوات الاخيرة، جراء الظروف القاهرة التي مرت بها المرأة الفلسطينية لناحية العدوان على قطاع غزة دفعت المرأة للانتفاض بوجه كل العادات والتقاليد التي أصبحت دافعا لتحقيق المزيد من الإنجازات. بمعنى في السابق كان من المستحيل ان تري امرأة تعمل لساعات متأخرة من لليل خصوصا في المناطق الحدودية. الان، بات هنالك من يساعدها في سعيها وطريقها وياخذ بيدها. انا بدات مسيرتي العملية منذ 16 سنة، اذكر ان اخي كان يرافقني في الليل اذا احتجت ان اتاخر، اما الان ومثلا خلال عدوان 2014 على غزة، اذكر اني نمت 50 يوما في مكتبي بعيدا عن ابنائي الثلاثة وعائلتي وكنت حاملا، ومع ذلك كان هناك كل الدعم والاسناد من زوجي وعائلتي والمجتمع. اعتقد اننا تخطينا مراحل كبيرة جدا، ولكل من يريد في الخارج ان يروج ان غزة تعيش في عصور ظلامية أقول انت فقط من تريد ان تصدق ذلك لانك تريده. المراة في غزة متحررة في ذاتها وتحاول تحقيق ذاتها. اما على الصعيد القانوني، المرأة كالرجل، في غزة وكل فلسطين، لا يوجد قوانين تحمي حرية الراي والتعبير، نقابة الصحفيين هشة وخضعت للتجاذبات الصحية ولا تحمي الصحفي كما يجب. في النهاية، لا يوجد جسم صحفي يحمي الصحفي الفلسطيني. والاهم، هو انتهاكات الاحتلال الإسرائيلي وهناك حدث ولا حرج ضد الفلسطينيين، والنساء تحديدا، في الداخل والخارج. وإذا ما نظرنا الى قطاع غزة، امرأة باتت هدفا للاحتلال الإسرائيلي حيث أعلنها صراحة انها باتت في مرماه، لربما اكثر من الرجل، بعد عدوان 2014، فهو يعتبرها صلب العائلة التي تشد الازر في كل اتجاه. فنحن، ومن خلال تجربتي الشخصية أيضا، لم نسلم من الاستهداف المباشر ولا من الفوسفور الأبيض، الذي بسببه لدي طفل يعاني من مشاكل صحية، وكنت أرضعه ابن 30 يوما عندما تعرضت للفوسفور الأبيض في عدوان 2014. ومع نقله الى مستشفى في الأراضي المحتلة، بروفيسور إسرائيلية من عرب 48 اشارت الى ان 90% من عوارض ابنك سببها تعرضه للفوسفور الأبيض، ولكن لا أستطيع ان اكتب لك تقريرا بذلك. خشيت ان تتكرر التجربة مع ابني الذي كان في احشائي لشهرين متتاليين في العدوان الأخير وانعزلت فيه عن ابنائي، لدينا إصرار على الخروج للتوثيق بالصوت والصورة لما يحصل. انا تعود ابنائي، حتى ابني المريض وهو أكبر ابنائي الذي لا ينطق، هو اول من يعطيني الكمامة ويطالبني ان ارمي الحجارة على الاحتلال، فأقول له أنى إعلامية يا امي ولا ارمي الحجارة، انا انقل الصورة والحدث. هذه الإعلامية الفلسطينية التي لن يثنيها شيء عن مزاولة مهنتها ولن يقف امامها لا حدود احتلال ولا انقسام ولا تشتيت ولا من يحاولون تضليل الصورة من قبل اعلام مناصر للاحتلال ومعاد للقضية الفلسطينية. لن ينجح احد في قلب الصورة وسنظل نحن من يحملونها كمشعل التنوير والتحرير لكل الشعوب المظلومة. فقط عتبي على المؤسسات الدولية وان كان العربية في انها لا تلتفت الى الإعلامي الفلسطيني الا في المناسبات، وان التفتت يكون من خلال اجسام تنتقي الصحفيين وفقا لانتماءات سياسية وغيرها. الإعلامي الفلسطيني عندما كانت بعض المؤسسات تقدم دورات السلامة المهنية ليعلموا الإعلامي الفلسطيني السلامة في الحروب فيأخذونه الى فندق في الخارج. هذا في فترة من الفترات، كنا نتمنى لو يعلمون ان الإعلامي الفلسطيني بحاجة للقليل من الراحة والاستجمام بدل دورة سلامة مهنية، انظروا اليه كما يجب وقدموا له ما يستحق. عشنا ارهاقات كثيرة توجعني حتى اللحظة، ولكن مصرة ان أبقي في الميدان، ولو وقع عدوان الان سأكون اول من يتوجه الى الميدان واصل الى خط النار ولن يثنينا شيء. نتمنى ان نبقى على تواصل، كي لا نشعر ان الاعلاميات الفلسطينيات في الخارج بعيدات عنا حيث ان الفلسطينيين تهمشوا كثيرا في الفترة الأخيرة، وخصوصا غزة التي ظلمت وهي التي تحب الحياة أكثر من أي بقعة في الأرض.”

  • مداخلة الأستاذة صمود غزال (صحفية في موقع “العربي الجديد”)

“مع شعار اختاري التحدي، ومع سماعنا لمداخلات الزميلات، وجدنا انهن عرفن كيف يخترن التحدي…  نحن في لبنان نعيش ظروفا صعبة واحتلال من نوع اخر بعيدا عن الحساسية هو العنصرية… فاللاجئ الفلسطيني بشكل عام يعيش العنصرية، انا اليوم شاركت معكم لتساعدوني على اختيار التحدي. من تجربتي في فترة محددة بسبب كثرة العنصرية، “انت فلسطيني لا تتكلم، نفضل ان لا تتكلم”، اصبح التحدي الأكبر هو الرقابة الذاتية التي تفرضها على نفسك كصحفي…. مثلا، ابان ثورة تشرين، هل نغطي او لا نغطي، اذا غطينا هل نحن طرف او حليف او صف خامس او سادس، ما يمنعك ان تتصرفي بمهنية وان تنقلي الصورة كما هي، فتشعرين ان خبرهم هو خبرك، المهم المك، وجعهم وجعي، وحتى الان استطيع ان اكتب او اتحدث عن أي موضوع ولكن عندما يصل الامر الى لبنان، ساتوقف: جميعنا شركاء في مكان، والرقابة الذاتية من اصعب أنواع الرقابة. بوجود المحتل مثلا، تستطيع ان تواجهه، بتقنية او باخر، ولكن عندما تصلين الى الرقابة الذاتية هناك يصبح العدو داخلك… الرقابة الذاتية هي التي تمنعني في أوقات كثيرة وما زالت تزعجني، ومن دون المصارحة لا مصالحة … اذا كنا لا نستطيع مصالحة انفسنا فكيف نجد قنوات للحوار او التواصل وإيجاد أرضية مشتركة لمواجهة التمييز بداية من انفسنا… من صغرنا، يتم تربيتنا على عدم التدخل او إعطاء الراي والبقاء على مسافة واحدة من جميع الأطراف، وهو ما لا تستطيع ان تفعله كصحفي بل يجب ان تغطي حدثا من حدث امني او معيشي واقتصادي واجتماعي… كيف اختار التحدي وان نضع حدا للعنصرية ؟ لان الانسان العنصري هو ضحية حتى، بل نحن كنساء صحفيات نعيش ضررا معنويا كبيرا…. والتجربة الأخرى هي الصدمة (Trauma) … مثلا اسراء كانت حامل في وقت الحرب، وانا وقت انفجار بيروت عشنا لحظات مروعة مع أشلاء ضحايا … ليس سهلا ان نتحدث عنها … نحن ملزمات ان نغطي اخبارا تؤثر علينا، ولم ار حتى في مؤسساتنا الإعلامية او المجتمع المدني لنعالجهم بعد ما تعرضوا له من صدمات بعد التعامل مع اخبار ومشاهد وظروف لا يتصورها عقل بشري، بل يجب توفير دعم نفسي للتخلص من هذه التراكمات كي لا نصل الى الانهيار النفسي…

  • مداخلة الأستاذة جيهان عوض (قناة الجزيرة مباشر من رام الله في فلسطين)

“اول ما خطر ببالي من توصيات ان الاعلاميات الفلسطينيات بحاجة للدعم والتفريغ النفسي لافاجا قبل قليل بصدور تقارير تفيد ان الشعب الفلسطيني من اسعد الشعوب بعد فرنسا في المرتبة الأولى عربيا… الصحفيات الفلسطينيات يعانين من الكثير من العقبات والضغوطات والحريات، ليس فقط من الاحتلال والامن بل من اطراف أخرى أيضا. في اول مرة نزلت الى الميدان لتغطية خبر وكنت سعيدة بما احمل من شعارات وايمان بالعمل الصحفي، قبض علي الامن واحتجزني لخمس ساعات وحينها لم يكن احد بعد يعرف عن صحفية اسمها جيهان عوص ابان بدايات الانقسام في 2007، حيث كان هناك شهيد في زنزانات الامن أفادت تقارير انه تعرض للتعذيب. ورغم اعلان الامن رفضه دخول الإعلاميين، الا انني وجدت، بحماستي، انه لا بد من توجهي الى المكان للتغطية والتصوير، فاحتجزوني في مركز الامن ولا احد يعرف عني. ثم أطلقوا سراحي بعد محاولتهم ادراجي في تصنيف مع احد طرفي الانقسام، فسالوا: هل ترين ما يفعلونه في غزة؟ فاجبته انا في الضفة وليس في غزة الان. وحتى الساعة نجد ان الامن يسعى لتصنيف الصحفيين والإعلاميين سياسيا ما يصبح مريحا للأمن. فبذلك، إذا صنفوا جيهان عوض مع الطرف السياسي كذا، يصبح كل ما تكتبه او تنقله يصنف كنشاط حزبي. اما عدم الانتماء فبنظرهم عائق. عندا انتقد فتح، يصنفونني مع حماس، وعندما انتقد حماس يحبني مناصري فتح، وهكذا تبقين في الوسط … اما بالنسبة للأمن، فالأفضل ان تكوني منتمية. في الضفة الغربية، كثيرا ما يتم الاتصال بزوج الصحفية من قبل الامن، “اسكتها والا…” ويتم مفاوضته اذا كان موظفا عموميا او له ما قد يخسره، كتهديده بوظيفته او والدها او شقيقها في غياب تام للنقابة التي غرقت في التجاذبات السياسية بدل حماية الصحفي الفلسطيني. كما بالنسبة للاحتلال الإسرائيلي الذي يستهدفنا بشكل مباشر، ليصيبنا الرصاص او القنابل… التحدي الكبير دائما ان يختاروا رجلا ليعمل ليل نهار ويخرج في أي وقت ويذهب الى أماكن بعيدة… وعندما يحتاجون الى شخص واحد، يختارون شابا دونا عن النساء… إضافة الى ذلك، في المجال السياسي، نجد ان حضور المرأة قليل كذلك في الصحافة… فمن تعد تقارير غالبا ما يتم اعطاؤها مواضيع اجتماعية وفنية وما شابه، ومن التحديات التي خضتها في عملي الصحفي اني قدمت برنامجا سياسيا في حين قال زملائي انه عبء كبير، “خليك بالبرنامج الصباحي وبلا الحوارات السياسية الكبيرة”، هي كبيرة صحيح ولكن ليس علينا… اليوم انا في الجزيرة مباشر اعد فقرة عن الاعلام الإسرائيلي واعدها بنفسي، وهذه كانت احد التحديات. من الضغوط الاجتماعية التي نعيشها، اني صورت مع شاب يقول ان احدى الوزارات ظلمته بموضوع ما، فنشرت تقريرا عن الملف. وبعد النشر بقليل، اتصل بي الشاب ليخبرني ان عمه رئيس بلدية وهدد بسحب مشروع كامل من القرية من تعبيد القرية والانارة إذا لم تسحب المقابلة. اخترت سحب المقابلة بعد ان كنت امام خيارين: سحب المقابلة او تضرر قرية بأكملها، كي لا يخسر الناس.

  • مداخلة الأستاذة سنى حمود (إعلامية في قناة الكوفية الفلسطينية)

“قراري بدراسة الاعلام مغامرة. منذ صغري كنت اطمح لأصبح إعلامية ولكن لما كبرت لأجد التحديات التي تواجهها الاعلاميات الفلسطينيات في لبنان، اردت ان اخوض المغامرة وان اثبت ذاتي وان لا استسلم واكسر ارادتي كشابة فلسطينية واخوض مجال الاعلام، ورفضا لاستسلام أي شاب فلسطيني يطمح لدخول مجال معين في لبنان. لم اسمح بالتخلي عن حلمي لمجرد اني احمل جنسية فلسطينية بل تمسكت بما اريد خصوصا اني اعمل في بلد يمتلك اكبر عدد من اللاجئين الفلسطينيين بالإضافة الى كونه قريبا جدا من فلسطين الحبيبة. كلنا نعرف ان هناك الكثير من المهن التي لا يسمح للفلسطيني بمزاولتها للأسف ولكن هذا لا يعني ان ندفع ضريبة لجوئنا بان نتخلى عن احلامنا وطموحاتنا التي نحب ان نحققها يوما. من الصعب كخريج صحافة او اعلام في لبنان، ان نبرز على احد الشاشات اللبنانية فأما ان نكزن خلف الكواليس او يتم رفضنا تماما سواء بسبب التحزب او الطائفية او العنصرية التي ذكرت أيضا. يبقى الإعلامي الفلسطيني خف الشاشات اللبنانية او امام الشاشات الفلسطينية. عن نفسي، خضت تجربة سيئة في هذا المجال. فلمدة 8 اشهر تقريبا، كنت اعد واقدم برنامجا في احدى الإذاعات اللبنانية لمدة ساعة كاملة على الهواء، والاعلاميات يعلمن ما يعني ذلك من جهد يتطلبه الاعداد وما الى هنالك لانجاح البرنامج. وبعد مرور الـ8 اشهر، طلبت إدارة الإذاعة توظيفي، ولكن لما رأوا الهوية الفلسطينية الزرقاء الكبيرة بالنسبة لنا، رفضوني لانها تبرز اننا لاجئون فلسطينيون في لبنان. وهذا من التجارب الصعبة التي نمر بها في لبنان كخريجي اعلام وصحافة، حيث يتم رفضنا بسبب العنصرية والطائفية والحزبية وغيرها…. ولكننا كشباب فلسطيني في لبنان مستمرون بالاصرار على تحقيق احلامنا والوصول الى ما نريده. وكما روت زميلتي قبل قليل عن اول تجربة عايشتها كصحفية، اول تجربة مديانية لي كصحفية كانت لتغطية اشتباكات في مخيم عين الحلوة في صيدا-جنوب لبنان، وسط اطلاق الرصاص وقذائف، فكان تحد كبيرا وأثبتت ذاتي. ثاني تحد كان تغطية التحركات امام السفارة الأميركية في عوكر حيث رمونا بالقنابل المسيلة للدموع، الرصاص المطاطي، وكانت صعبة على الإعلامي والإعلامية الفلسطينية، ولكننا مستعدون لنكون فدائيين نناضل من اجل وطننا من خلال الكلمة والقلم والكاميرا وبكل الأساليب وما نستطيع ان نكافح به لايصال رسالتنا. وعلى الصعيد الشخصي، انا دائما سأبقى اعرف عن نفسي على اني لاجئة فلسطينية من وادي الحنداش-قضا ء صفد رغم كل التحديات التي اواجهها. ولو كنت في فلسطين لكنت على الأقل ساحمل بطاقة صحفية، على عكس ما يحصل معي الان حيث لا احمل أي بطاقة مهنية صحفية رغم اني اعمل في المجال منذ 6 سنوات. كنت على الأقل سانتي الى نقابة تضمن حقوقي وتدافع عني وتعطيني ابسط حقوقي واتدرج في وظيفتي وفقا لكفاءتي وجدارتي وليس على أساس البطاقة الزرقاء التي احملها. وقبل كل شيء، كنت ساحصل على شرف تحدي الاحتلال الإسرائيلي بالكاميرا والقلم والكلمة الحرة التي سنصر على قولها أينما كنا ورغم كل التحديات التي نواجهها.

  • مداخلة الأستاذة راما قضباشي (صحفية من دمشق-سوريا)

“الاعلاميات الفلسطينيات في سوريا حالهن كحال الاعلاميات السوريات في تغطية مجريات الحرب التي فرضت على سوريا، واعتبرناها سيان كالحرب على الشعب الفلسطيني، خاصة وان جبهة النصرة وداعش والعصابات المسلحة كانت مدعومة من كيان الاحتلال الصهيوني ومن الغرب وحلفائه في المنطقة.

أود الاشارة الى ان مشافي الاحتلال في مدينة صفد استقبلت احد مصابي النصرة وداعش، وقام رئيس وزراء الكيان الإسرائيلي نتانياهو بزيارته والاطمئنان الى صحته، وهذا دليل على الدعم المباشر للعصابات في مخططها لتدمير قوى المقاومة.. اضافة الى ذلك، فإن الاعلاميات الفلسطينيات تعرضن للاختطاف والتهديد والتهجير لمنعهن من بث وتسليط الضوء على ما يجري في سوريا والتوقف عن تصويرها على انها حرب فرضت على الشعب السوري المقاوم والمحب للشعب الفلسطيني.

كما أود الإشارة إلى أهمية التركيز على مقاومة الغزو الثقافي الذي يقوم به المحتل عبر وسائل التواصل الاجتماعي، لتضليل الشباب وتثبيطهم ومنعهم من التظاهر ضد المحتل في مسيرات العودة بقطاع غزة، ودورنا هو التوضيح ونشر ثقافة المقاومة بكل الوسائل المتاحة والتحايل عليها، خاصة أن أمريكا وحلفائها وضعوا تشفيرات معينة على المواقع الالكترونية بحظر أي منشور يدعو للمقاومة أو ضد الصهيونية. وهذا ما يؤكد أن الكلمة جوهر المقاومة، وهي كالرصاصة ولو أنها لم تزعج المحتل لما قام باعتقال واغتيال المثقفين والصحفيين الفلسطينيين (غسان كنفاني، محمود درويش، ناجي العلي والصحفي ياسر مرتجى)، وعدونا وحلفاؤه يعلمون أهميتها ولقد استخدموها في حربهم على العراق عندما جنّدوا محطات الإعلام للحديث عن أسلحة دمار شامل في العراق، ليحصل على تأييد جماهيري واسع من شعوب العالم ليحرر العراق ويجعله ديمقراطيا، لكن في الحقيقة سرقوا كل مقدراته. يجب أن نركز نحن الاعلاميات الفلسطينيات أينما وجدنا على ضعف وجبن العدو وأن هذا المحتل الذي يملك الأسلحة المتطورة والتكنولوجيا العالية ومع ذلك لم يستطع أن يقضي على الشعب الفلسطيني الذي يقاوم بالحجر والسكين والكلمة والسلاح لأننا أصحاب حق ولا يمكن أن نّغلب. “

وفي مداخلة للصحفية الأستاذة فاطمة بن عبدالله الكراي (من تونس)، اشارت الى انها خلال تواجدها في نقابة الصحافيين التونسيين كانت قد اقترحت على الاتحاد الدولي للصحفيين (IFJ)، حيث فلسطين دولة كاملة العضوية، تقديم بطاقة صحافة للفلسطيني والفلسطينية مباشرة حتى وان كان بلد اللجوء لا يستطيع ان يعطيه، وكذلك الدخول في مفاوضات مع الدول التي تستضيف اللاجئين الفلسطينيين مثل لبنان وغيره لحل هذه المعضلة. لان شرف المهنة في الاعتراف الدولي بتلك البطاقة التي ليست منة بل حق، وان أقوم بالتنسيق مع الأمم المتحدة من خلال المجتمع المدني التونسي بان نقوم بتحرك احتجاجي في أوروبا الشمالية او على مستوى الأمم المتحدة ونختار البلد الغربي للتظاهرة التي لا تعرف معاناة المراة الصحفية التي تابعنا الان. وانا على المستوى الشخصي، القضية الفلسطينية كانت دافعا لدخولي العالم الصحفي وانا اعتبر فلسطين كانت وستظل قاعدة متقدمة لكل نضالاتنا الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والفكرية ولن نحيد عن البوصلة ولن ندعهم يضعونا في مواجهة بعضنا البعض وان لا يكون الاعلاميون في فلسطين على طرفي نقيض، بل ان يجدوا اسسا للتعاون لا المكابرة ويجب ان نتحمل مسؤولياتنا، متضامنين مع بعضنا البعض.

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة.

آخر الأخبار