الثقوب السوداء في السلطة الفلسطينية

الثقوب السوداء في السلطة الفلسطينية
تنمو اكثر وقد تصل بقوتها الى حدود رام الله وستؤدي إلى فوضى أمنية.
العدم في مملكة الخيال
في “القصة لا تنتهي أبدًا” ، تتعرض مملكة خيالية لتهديد عدو غريب جدًا – جزر العدم والثقوب السوداء التي لا تحتوي على أي شيء والتي تنتشر ببطء في جميع أنحاء المملكة. تذكرت هذه القصة عدة مرات هذا الأسبوع عندما فكرت في مملكة أقرب بكثير – السلطة الفلسطينية.

بعد ساعات قليلة من إعلان السلطة الفلسطينية إغلاقًا لمدة أسبوع بسبب كورونا ، تجمع عشرات التجار وأصحاب المتاجر في الساحة المركزية في الخليل. كما وصلوا في الأيام التالية حاملين لافتات ضد إغلاق المحلات. قال أحدهم “لسنا رعاة اغنام لرام الله. 45٪ من عائدات السلطة الفلسطينية تأتي من الخليل”. عندما دخلت قوات الأمن التابعة للسلطة الفلسطينية للخليل لفرض القيود الأسبوع الماضي ، تعرضت سيارات الجيب التابعة لها للرشق بالحجارة ، ردت الاجهزة الامنية الفلسطينية باطلاق الغاز المسيل للدموع . للوهلة الاولى كان من الممكن الاعتقاد بأن قوات الجيش الإسرائيلي دخلت المدينة.

ايضا مخيم اللاجئين في بلاطة لم يكن هادئا الاسبوع الماضي. قبل شهر ونصف قُتل هناك أحد سكان المخيم حاتم أبو رزق . المعارض المعروف للسلطة الفلسطينية. دخل المستشفى عندما أصيب خلال مواجهة مع الاجهزة ولم يخرج من هناك . وأعلنت السلطة الفلسطينية عن إصابته بانفجار قنبلة في يديه كان يعتزم رميها . لا يصدق سكان المخيم هذه الرواية ويقولون إنه أُعدم في المستشفى. منذ ذلك الحين ، بدأت أعمال الشغب هناك كل بضعة أيام – في الجولة الأخيرة ، ألقيت زجاجات حارقة على القوات وأصيب ثمانية من أفراد الجهاز.
في بلدة قباطية قرب جنين كان هناك اضراب عام الثلاثاء استمر يوما واحدا . وهو تقليد متبع عندما يسقط احد ابناء البلدة شهيدا – اثناء المواجهة مع اسرائيل او نتيجة لنيران اسرائيلية . بيت العزاء الذي فتح هذه المرة كان لعائلة كميل لابنهم محمود كامل الذ قتل حين محاولته اطلاق النار على شرطي عند مدخل المسجد الاقصى . بعد محاولة الهجوم قمت بزيارة صفحات التواصل الاجتماعي فيسبوك وانستجرام التي تخص الشاب ابن ال 17 عاما . لم اجد له منشورا وداعيا لكني وجدت الكثير من التمجيد والاعتزاز بولاية قباطية وايضا وازدراء السلطة الفلسطينية . في الانستجرام وجدت صورة لمقاتل مسلح كتب تحتها ” دولة قباطية ” . عندما توفي اسير امني من قباطية في المعتقل قبل ايام – وثق محمود اطلاق النار في الهواء من مسلحين من سكان البلدة .
قبل عدة اشهر قام باجراء مقارنة بين وحدات ” اليسام ” التابعة للشرطة الاسرائيلية وقوات السلطة الفلسطينية والمح الى ان كليهما لا يستطيعان الدخول للبلدة من دون ان يتعرضا للمقاومة العنيفة .

كل هذه المناطق هم اللاشيء عند السلطة الفلسطينية . انها الثقوب السوداء التي تواجه السلطة الفلسطينية صعوبات في العمل فيها وفي بعض الاحيان لا تستطيع فرض النظام والقانون فيها . هذا لم يبدا بالامس لكن مرور الوقت لم يساعد في ذلك . تم تاسيس السلطة ككيان محدود من دون صلاحيات قوية وكان من المفترض ان تعمل لمدة خمس سنوات فقط . مع مرور الوقت اصابها الفساد وعودة التنسيق الامني مع اسرائيل الشهر الماضي اكدت فقط على مكانتها كمتعاون مع اسرائيل .
في عالمنا هذا لا يوجد فراغ حقا وفي كل الاماكن ذات الثقوب السوداء تنشط قوى اخرى ، احيانا هي اقدم بكثير من السلطة الفلسطينية . من بين من قادوا مقاومة اجراءات السلطة كانت عائلة الجعبري المحلية ومخيمات اللاجئين الذين يعتبروا بمثابة عظمة في حلق الضفة منذ تاسيسها عام 48 .
من اطلق النار في قباطية قالوا عن انفسهم انهم ينتمون لكتائب الاقصى التي اقيمت في الانتفاضة الثانية . رسميا هم الذراع العسكري لفتح منظمة ابو مازن . لكن العلاقة بينهم وبين فتح رام الله تشبه الى حد ما العلاقة بين الهيبز موودستوك والرئيس كنيدي . كلاهما ينتميان الى نفس الجانب السياسي الواسع لكن بهذا كل شئ ينتهي .
في بعض الاحيان يتحدث ساسة اسرائيليون عن ضرورة تفكيك السلطة الفلسطينية ، واحيانا الفلسطينيون يتحدثون عن حتمية انهيار السلطة الفلسطينية . لكن الاشياء لا يجب ان تنهار حتى يتم محوها . يمكن ان تنتهي بالتفكك . قد يحصل هذا رويدا رويدا وبهدوء نسبي . سوف تنمو البقع السوداء في السلطة الفلسطينية اكثر فاكثر حتى تصل بقوتها الى حدود رام الله – ان وجدت – ومغزى ذلك فوضى امنية في المناطق .

الكاتبة/ نوريت يوحنان- محررة في القسم
الفلسطيني في “كان”حداشوت.

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة.

آخر الأخبار