ترامب يعلن الزواج المغربي الصهيوني….ماذا كسب المغرب من هذا الاتفاق وما تأثيره على القضية الفلسطينية

تقرير نضال الشعب – فاطمة الغول

لم يكن إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترامب إقامة علاقات دبلوماسية بين مملكة المغرب والكيان الصهيوني مفاجئاً بالنسبة لمتابع الأحداث عامة والاتفاقيات التي أقامتها الدول العربية مع الكيان الصهيوني، بشكل خاص.

بالعودة لأول اتفاق بين دولة عربية (مصر) والكيان الصهيوني  والتي عرفت باسم كامب ديفيد نرى أن المملكة لعبت دوراً هاماً في تنسيق هذه الاتفاقية وتعبيد الطريق لها، وملكها حسين الثاني آنذاك رتب شخصياً للقاءات بين الرئيس المصري أنور السادات و رئيس الوزراء الصهيوني مناحيم بيغن.

وقد يلغي افتتاح المغرب، أكثر الدول العربية استقبالاً للسواح اليهود، مكتب اتصال مع الكيان، منذ تسعينات القرن الماضي، عامل المفاجأة في هذا الاتفاق.

الملك المغربي الحسن الثاني وشمعون بيريز 1993

توقيت إعلان الاتفاق..

وبعيداً عن ماهية ومضمون الاتفاق، فإن توقيته، يعتبر من العوامل الأكثر بروزاً في التساؤلات والنقاشات، التي انطلقت مع الإعلان عنه في الأوساط السياسية والأكاديمية والصحفية العربية والغربية.

لا شك أن ترامب يريد أن يصل إلى مقولة ( أعظم رئيس في تاريخ الولايات المتحدة)، وذلك من خلال الخدمات، التي قدمها للكيان الصهيوني، ولا يزال، في أيامه الأخيرة، المتوافقة مع إيمان قاعدته الشعبية من الإنجيلين الأمريكيين المشجعين لإقامة دولة يهودية، ورغم خسارته في الانتخابات الأخيرة، إلا أن التقارير الإعلامية التي تحدثت عن بدئه من الآن بالتحضير لإنتخابات 2024، تجعل من خطواته الأخيرة وسيلة لكسب أصوات المتشددين الأمريكيين واللوبي اليهودي المعروف بتأثيره على السياسات الأمريكية وقرارات إدارتها.

كما أن الصداقة الشخصية التي تربطه بنتنياهو، تدفعه إلى تقديم ورقة رابحة لصديقه كطوق نجاة من الأزمات السياسية والقضائية الداخلية، وهو المقبل على انتخابات غير مضمونة النتائج.

ومن جهة أخرى، يمكن قراءة هذا الاتفاق ضمن مشروع ترامب الأوسع والهادف لتشكيل حلف عربي موحد ضد إيران لضرب محور المقاومة، بدأَ بالإمارات, والبحرين وثم السودان، والمغرب ليس النهاية، في ظل توقعات بالتحاق دول عربية أخرى بركب قطارالتطبيع. وهو ما يفسر التقارب الإماراتي-المغربي المفاجئ، والذي شكل قرار أبو ظبي افتتاح سفارة لها في “العيون”، أكبر مدن إقليم الصحراء الغربية، مؤشراً قوياً على ذلك، تبعتها بسرعة الأردن المتماهية معها في السياسات الخارجية، وخاصة العربية منها.

ماذا كسب المغرب من اتفاق التطبيع ؟

مقابل إقامة علاقات تطبيع بين المغرب و الكيان الصهيوني اعترفترامب بالسيادة المغربية على بالصحراء الغربية (المتنازع عليها مع جبهة البولساريو)، في معادلة أشبه بـ “الأرض مقابل السلام”، مع اختلاف أن الأرض هذه المرة هي الصحراء الغربية لا فلسطين، هذا الاعتراف الرسمي يفتح الباب أمام المغرب لاستغلاله كورقة في المحافل الدولية تأكيداً لوجهة نظره القائلة بأنه لا حل لهذا الصراع الممتد منذ عام 1975 سوى بسيادة المغرب على الإقليم، وسط توقعات بصدور اعترافات مشابهة من دول عربية وغربية تدور في فلك واشنطن تباعاً.

كما أن الاتفاق يمهد الطريق أمام المغرب للحصول على أسلحة أكثر تطوراً من المسموح بشرائها سابقاً، وظهر ذلك واضحاً بعد يوم من الاتفاق حيث عرض ترامب على الكونغرس بيع أسلحة بقيمة مليار دولار للمغرب، من بينها طائرات بدون طيار من طراز“MQ-9ريبر، وذخائر موجهة بالليزر”، أسوة بخطوة مشابهة ياتجاه الإمارات.

ولا ننسى المكاسب الاقتصادية التي يحلم بها المغرب والتي أعلنها ترامب حيث تعهد بتقديم الدعم المالي لمشاريع التنمية في المغرب والصحراء معا.

أما بالنسبة للكيان الصهيوني فكان الاتفاق دافئاً أكثر من الاتفاقيات السابقة (كما وصفه نتنياهو), مع الأخذ بعين الاعتبار موقع المغرب الجيوسياسي ومكانته في العالم العربي والقضية الفلسطينية، وهو مؤسس لجنة الدفاع عن القدس، اضافة لتمتين الجبهة المعادية لإيران، خاصة بعد إعلان المغرب   عام 2018 قطع علاقاته مع طهران بتهمة دعم الأخيرة لجبهة البوليساريو.

نجح ترامب في فرض معادلة سياسية جديدة في المنطقة العربية قائمة على لجوء البلدان العربية إلى مد الجسور مع الاحتلال بهدف التخلص من أزماتها، دعماً للصهاينة التي باتت تحصد أكبر عدد من الاعترافات العربية وبشكل مجاني.

تأثير اتفاق المغرب على القضية الفلسطينية

وفي خطوة أقرب إلى “الدجل السياسي”, سارع رئيس الوزراء المغربي، سعد الدين العثماني فور إعلان ترامب عن الاتفاق على تأكيد رفض بلاده المزعوم لـ “صفقة القرن” و”تهويد القدس, و أنها داعمة للقضية الفلسطينية”.

” الانقسام الفلسطيني ساعد في تهيئة البيئة والمناخ للتطبيع”، هكذا عبّر مسؤول دائرة الإعلام والتوجيه المركزي للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين القيادة، أنور رجا، الذي رأى في تصريح لمجلة نضالالشعب أن “المفارقة المؤلمة هي أن المغرب في إطار الجامعة العربية سمي مسؤول لجنة الدفاع عن القدس، وهنا الدفاع عن القدس لا يعني الموافقة على ضم القدس ولا يعني مد جسور التطبيع في الوقت الذي يقوم به الاحتلال بتهويد كامل ما تبقى من أراض فلسطينية اُحتلت عام 67 وبشكل خاص الضفة الغربية”.

وأشار رجا إلى أن “هذا التناقض يوحي بأن ما كان يجري لم يكن إلا مجرد تضليل للرأي العام ومسالة تقطيع للوقت لا أكثر, بانتظار اللحظة المناسبة لمد جسور التطبيع مع الكيان الصهيوني”.

ولفت رجا إلى أن “الكثير من الحكام العرب يعتقد أن الظرف أصبح مناسباً للإعلان لما كان يجري في السر, مشدداً على أن “مواجهة هذا التطبيع يقتضي ترتيب الأوراق و آليات العمل في إطار محور المقاومة, مع الإشارة إلى أن ما قامت به السلطة الفلسطينية من مفاوضات عبر اتفاق أوسلو قد سهل لتلك الرسميات العربية أن تقول: لن نكون فلسطينيين أكثر من الفلسطينيين أنفسهم، وهذا ظلم لأن المطبع هنا السلطة الفلسطينية وليس الفلسطينيين”.

من الواضح أن المنطقة تشهد مرحلة حساسة جداً ومعقدة لم يسبق لها مثيل، في سابقة في تاريخ الكيان الصهيوني القصير والمليئ بالجرائم تمثلت بقيام 4 دول عربية بالتطبيع خلال عام واحد، بل على مدى أشهر متقاربة، وسط توقعات تنذر بقادم أسوء لجهة انضمام دول أخرى في المنطقة إلى مسار محاولة تصفية القضية الفلسطينية.

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة.

آخر الأخبار