أداء واشنطن السيّئ في مواجهة كورونا… هل يسجل نهاية نظام القطب الأوحد؟


}
 حسن حردان

إذا لم ترتق واشنطن إلى مستوى التحدي الراهن، فإنّ وباءكورونا سيسجل «لحظة سويس» أخرى، حسب مجلة «فورينافيرز» الأميركية، وذلك في إشارة إلى اضمحلال الإمبراطوريةالبريطانية ونهاية نفوذ المملكة المتحدة كقوة عالمية، فيأعقاب فشل العدوان الثلاثي البريطاني الفرنسي الاسرائيلي علىمصر اثر تأميمها قناة السويس

هذا السؤال طرح على ضوء الأداء السيّئ للادارة الأميركية،داخلياً وخارجياً، في مواجهة حرب وباء كورونا الذي اجتاحالعالم، ولم يميّز بين دولة وأخرى وشعب وآخر، الأمر الذي جعلمن هذا الوباء عدواً للبشرية جمعاء.. على أنّ هذا الاستنتاج إنماينطلق من الوقائع التالية:

اولاً، أصيب العالم اجمع، دولاً وشعوباً، بحالة من الصدمةوالذهول، من الطريقة التي تعاملت فيها الإدارة الأميركية معانتشار وباء كورونا منذ البداية وحتى الآن.. لقد اتسم أداء الحكمالأميركي بداية، بالاستعلاء والاستغلال للوباء، ومن ثم الارتباكوالعجز عن مواجهة انتشار الفايروس، اثر اجتياحه الولاياتالمتحدة وتحوّل أميركا إلى المرتبة الثالثة عالمياً من حيثالانتشار وعدد الإصابات، بعد إيطاليا وإسبانيا وكوريا الجنوبيةوإيران… ومن المتوقع حسب التقارير الواردة ان تصبح أميركاالأكثر تضرّراً بعد تحوّل ولايتي نيوروك  وكاليفورنيا إلى ولايتينمنكوبتين وإعلان حالة الطوارئ في الولايات الأخرى نتيجة تفشيالوباء

ثانياً، تخلي واشنطن عن القيام بدورها العالمي لمساعدة دولالعالم في مكافحة الوباء، قبل أن يتفشى في أميركا وينكشفعجزها الفاضح، فهي عدا عن استغلال الوباء ضدّ الصين،امتنعت عن تقديم المساعدة لدول العالم، وفي مقدّمها الدولالحليفة والصديقة للولايات المتحدة، مثل إيطاليا وإسبانياوكوريا الجنوبية،  وامتنعت أيضاً عن إبداء ايّ استعداد لتعاونطبّي على المستوى الدولي في إطار الجهود التي يبذلها العلماءفي العديد من الدول للتوصل إلى لقاح مضاد الفايروس، حيثتفترض مصلحة الجميع في ذلك، بل انّ المفاجأة كانت سعيترامب إلى السطو واحتكار لقاح يعمل علماء ألمان على إنتاجه..

ثالثاً، أكثر من ذلك، انّ الحكم الأميركي كشف للعالم والشعبالأميركي، عجز أميركا عن مواجهة الوباء رغم تباهيها بتقدّمهاالعلمي، فظهر انها تفتقر للمعدات والقدرة على تلبية العديدمن احتياجات الطبية، ناهيك عن تقديم المساعدة لمناطقالأزمات في العالم، وهو ما لفت اليه مرشد الثورة الإسلامية فيإيران الإمام علي الخامنئي، وهذا ما دفع «فورين افيرز» إلىوصف «صورة الوضع الأميركي بأنها قاتمة».. لقد تبيّن انّ أميركاتفتقد إلى القدرة على تأمين الأقنعة وأجهزة التنفس وغيرها منالمستلزمات للمستشفيات الأميركية، بعد أن كشف انّ المخزونالاستراتيجي من هذه الإمدادات الطبية لا يحتوي إلا على واحدبالمائة وربما في أحسن الأحوال عشرة بالمائة من أجهزة التهويةالمطلوبة للتعامل مع كورونا.. ما أشر إلى أنّ ما كان يفترض انهأكثر نظام طبي متطوّر في العالم عاجز عن مواجهة الأزمات، وانهسقط في امتحان القيادة.. في مقابل نجاح الصين في إثبات قدرةنظامها الطبي، والنجاح في التصدّي للوباء وتقديم المساعدةلدول العالم، على نحو أذهل شعوب وحكومات العالم قاطبة.. مما عزز من القناعة بأنّ امتحان مواجهة وباء كورونا شكل مؤشراًقوياً على مدى صعود الصين كقوة قائدة على المستوى الدولي،في مقابل تراجع وانحسار القوة الأميركية..

رابعاً، تأكيد سقوط نظام الهيمنة الأميركي على العالم.. إنّ ظهورفشل الولايات المتحدة في التصدي لوباء كورونا، اثر كثيراً علىجهودها الحثيثة للحفاظ على دورها القيادي للعالم، عدا عنفشلها في استعادة هيمنتها الأحادية القطب، فالعجز الأميركيفي مجال مواجهة كورونا يُضاف إلى عجز قوتها العسكرية وفشلحربها المالية والاقتصادية في إخضاع العالم.. الأمر الذي يقدّمدليلاً جديداً على أنّ الإمبراطورية الأميركية الاستعمارية تسيرنحو الاضمحلال، كما الإمبراطوريات السابقة في التاريخ..

انطلاقا مما تقدّم، فإنّ نجاح الصين السريع في السيطرة علىانتشار الوباء، وتقديم المساعدة لدول العالم جعلها بنظر العالمتتقدّم إلى صدارة القيادة على حساب الولايات المتحدة، الأمرالذي يؤكد انّ نتائج الحرب العالمية ضدّ فايروس كورونا ستكونلها تداعيات عميقة على العلاقات الدولية، تسهم في تسريعإعادة تشكيل النظام العالمي على قواعد التعددية القطبية، بمايضع نهاية لنظام القطب الأوحد

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة.

آخر الأخبار