*متى وكيف سيتمكّن الشّعب الفلسطيني من اختيار قيادته..؟!الطّبقة السّياسيّة لسلطة التّساوق مع الإحتلال وتقديس التنسيق الأمني..هي الّتي أوصلت قضيّتنا إلى فاجعة القرن

د. احمد محيسن – برلين
كيف يستطيع شعبنا الفلسطيني أن يحرّر منظّمة التّحرير الفلسطينيّة المختَطَفة من سلطة أوسلو .. المقبوض عليها في مسالخ سلطة التّنسيق الأمني .. لتمتلك مقوّمات أن تكون ممثّلاً شرعيّاً لثلاثة عشر مليون فلسطيني .. يعيش أكثر من نصف عددهم في دول المنافي والشّتات .. وليتمكّنوا من انتخاب قيادتهم بحرّيّة وبديمقراطيّة وبنزاهة .. أُسوة بكلّ الشّعوب الّتي تحترم نفسها ..؟!

ولتتمكّن منظّمة التّحرير الفلسطينيّة أن تعود وتكون عنواناً لتحرير فلسطين من براثن الإحتلال .. حسب مواثيقها من عام 1964 ومن عام 1968 .. وتكون ممثّلاً لكلّ الفلسطينيّين .. يجب أن يُفسح المجال لهذا الشّعب الّذي يُفترض أن تمثّله المنظّمة .. أن يتمكّن من انتخاب قيادته في المجلس الوطني الفلسطيني .. ومنظّمة التّحرير الفلسطينية وفِي كلّ المؤسّسات الفلسطينيّة .. لتكون قيادة بشرعيّة شعبيّة .. كما في كلّ الهيئات والمؤسّسات والأحزاب والحكومات والكيانات البشريّة الطبيعيّة المُحترمة ..!!

لم يمارس الشّعب الفلسطيني يوماً حقّه في انتخاب قيادة هذه المنظّمة الّتي تمثّل الشّعب إطلاقاً .. وزيادة على ذلك .. فقد تمّ ذبحها بسكّين مختطفيها وداستها مجنزرات أوسلو .. وشُيّعت لمثواها في أصغر جوارير السلطة المبتدعة .. الّتي تتصرّف بالشّأْن الفلسطيني رسميّاً .. وذلك في أعظم وأفظع سرقة للعصر .. سرقة لقيادة الشّعب .. الّذي فجّر ثورته من أجل التّحرير والعودة .. وأراد نيل الحرّيّة والإستقلال .. وإقامة دولته العربيّة الفلسطينيّة ذات السّيادة الكاملة وعاصمتها القدس ..!!

‏إنّ الغيورين على منظّمة التّحرير الفلسطينيّة وعلى شرعيّة تمثيلها للفلسطينيّين .. يجب عليهم أن يعملوا بكلّ عزم وقوّة على أن تكون منظّمة التّحرير الفلسطينيّة موجودة فعليّاً وليس لفظيّاً .. موجودة بتطبيق قانونها الأساسي .. واحترام نظمهما ولوائحها .. وموجودة بمؤسّساتها ومكوّناتها و قواعدها وباتّحاداتها وبدوائرها .. ‏موجودة بحراكها في صفوف شعبنا وسدّ حاجاته والتّفاعل مع متطلّباته .. موجودة بتحرّكها في المحافل الدّوليّة دفاعاً عن فلسطين .. موجودة بتصدّيها للإحتلال وبِذَوْدها عن الوطن وعن المقدّسات وعن أبناء شعبنا .. ‏ويجب أن يحسّ ويلمس شعبنا بوجودها فعليّاً ‏ويكون التّحرير عنوانها..!!

فالممثّل الشّرعي للشّعب الفلسطيني .. لا يمكن أن يكون وهماً وسراباً .. ‏إسماً وختماً وشكلاً .. بل يافطة لنمر ورقي .. وهيكلاً فارغاً من محتواه بلا مضمون ..
كائناً بلا مخالب وبلا أسنان وبلا أظافر .. تستخدمه سلطة أوسلو لتمرير مخطّطاتها .. وتلجم من ينتقد تساوقهم مع الإحتلال .. فالممثّل الشّرعي للفلسطينيّين .. يجب أن ‏يمثّل عقيدة التّحرير والعودة ونيل الحرّيّة والإستقلال .. وإقامة الدّولة وعاصمتها القدس .. يستمدّ شرعيّة تمثيل الشّعب من الشّرعيّة الجماهيريّة الثوريّة للشّعب الفلسطيني الثّائر .. ‏ولا يمكن أن يقبل شعبنا أن تكون منظّمة التّحرير الفلسطينيّة الممثّل للشّعب الفلسطيني .. عبارة عن شعار يوضع فقط على الملصقات في المناسبات .. ‏في الوقت الّذي تُغتصب وتُطحن فيه مكوّنات هذه المنظّمة .. حتى يقال فقط بأنّهم يحافظون على المنظّمة كممثّل للفلسطينيّين .. ‏انّه „حقّ يُراد به باطل“ ..!!

إنّ القيادة المتنفّذة لسلطة أوسلو القابعة تحت حراب الإحتلال في رام الله .. تُمارس أبشع صور السّلْب لإرادة شعبنا .. وهي تضع العراقيل أمامه .. وتُغلق السّبل في عدم تمكينه من اختيار قيادته .. عبر الطّرق المتاحة الّتي تَوافَق عليها المجتمع الدّولي.. وحسب النّصوص والمواثيق والأعراف والعقود الّتي تُمارسها كلّ الشّعوب المحترمة في العالم .. لأنّهم يُدركون بأنّ شعبنا سيلفظهم .. وهم يتحسّسون رقابهم .. فإلى متى ستبقى تتحكم في مفاصل المنظمة هذه ‏ القيادة المهوسة بالمفاوضات .. وتتنكر لنضال شعبنا ولدماء شهدائنا .. ومعاناة أهلنا ولمعيشة النكبة والتشرد في مخيمات العذابات في دول المنافي والشتات..؟!

إنّ المجلس الوطني الفلسطيني هو البرلمان الفلسطيني .. ومن المفترض أن يجلس تحت قبّته ممثّلي ونوّاب الشّعب الفلسطيني .. الّذي يتمّ انتخابهم ‏انتخاباً ديمقراطيّاً حرّاً ونزيهاً عِبر صناديق الإقتراع .. ‏وهذا لم يتمّ في تاريخ شعبنا الفلسطيني إطلاقا .. والتّجربة الوحيدة الّتي خاضها شعبنا في انتخابات حرّة ديمقراطيّة ونزيهة .. كانت فقط في الضّفّة الغربيّة المحتلّة وقطاع غزّة .. لجزء من الشّعب الفلسطيني .. عندما انتخب الشّعب الفلسطيني أعضاء المجلس التّشريعي هناك ..الّذي تمّ القضاء عليه منذ ولادته .. عندما كانت النّتيجة مغايرة لتصوّر هذه القيادة الحاليّة المتنفّذة .. مع تجاهل صوت فلسطينيّي الخارج .. ودون إجراء إنتخابات للمجلس الوطني الفلسطيني .. حتّى يتمكّن ثُلُثَي الشّعب الفلسطيني خارج فلسطين .. من الإدلاء بأصواتهم وانتخاب ممثّلي الشّعب ديمقراطياً .. ولتبقى هذه القيادة غير الشّرعيّة .. جاثمة على صدور شعبنا ومؤسّساته .. هي تدّعي القيادة والشرعيّة والوحدانيّة في التّمثيل .. وهي في الحقيقة .. لا شرعيّة ثوريةً ولا جماهيريةً شعبيةً تُغَطّي وجودها ..!!

‏إنّ شعبنا الفلسطيني يقف اليوم قبل الغد أمام استحقاق مصيري .. في التّحرك واتّخاذ زمام المبادرة .. وصنع فِعْل على الأرض .. ‏يحرّر منظّمة التّحرير الفلسطينيّة .. ‏ويكسر القيد عن معصميها .. ويُعيد الحياة والإعتبار إليها .. بإعادة تشكيلها لتضمّ الكلّ الفلسطيني ‏بكلّ مكوّناته وأطيافه .. ‏بالطُّرُق الدّيمقراطيّة .. ويتمّ إحياء مؤسّساتها وتفعيلها .. ‏لتكون ممثّلاً حيّاً حقيقيّاً موجوداً يتنفّس التّحرير في صفوف أبناء أمّتنا .. والتّخلّص من أوسلو وإفرازاتها وملحقاتها .. وإلّا فستبقى طبقة السّلطة الّتي أفرزتها أوسلو سيّدة الموقف .. تتحكّم في رقاب شعبنا ومصيره .. مستمرّة في سياسة التّساوق مع صفقة القرن فعليّاً .. مرّة في السّر وأخرى في العَلَن .. وستبقى تمتصّ هذه السّلطة غضب شعبنا .. بالمُسَكّنات وبالرّفض اللّفظي لمشاريع تصفية القضيّة .. والإحتلال يبقى سائراً يُطَبّق مخطّطاته في تصفية قضيّتنا .. وبموافقة ضمنيّة من هذه الطّبقة .. الّتي مهّدت لصفقة القرن منذ عقود من الزّمن .. مثالاً وليس حصراً .. وثيقة عبّاس – بيلين من عام 1995 .. وبنودها تكاد تكون نفس بنود صفقة القرن نصّاً ومضموناً ..!!

‏إن شعبنا الفلسطيني يريد انتخابات ديمقراطيّة حرّة ونزيهة للمجلس الوطني الفلسطيني ( البرلمان الفلسطيني ) .. في كلّ أنحاء العالم .. حيثما تواجد الفلسطينيّون .. وحيثما أمكن ذلك .. ‏ونعتقد قريباً ولادة تململاً وحراكاً شبابيّاً فلسطينياً في كلّ أنحاء العالم .. سيرتفع صوته عالياً ليقول : الشّعب يريد انتخابات .. ويريد كنْس هذه القيادة الملهاة .. فاقدة الشّرعية .. كفانا العيش حُكْماً شُموليّاً تفرديّاً دكتاتوريّاً تسلطياً .. رافعته أجهزة البطش الأمنيّة الّتي أسّسها دايتون .. والدّولار الصّهيوأمريكي ..كفى كفى ..!!

إنّ العالم يشهد اليوم تطوّراً هائلاً في جميع المجالات في مكوّنات الشّعوب .. ونرى كيف تتطوّر الهيئات والنّقابات والإتّحادات والمؤسّسات والأحزاب .. وكذلك الحكومات والبرلمانات .. ونرى كيف يزداد الأداء الدّيمقراطي في العالم .. وتزول الدّكتاتوريّات .. ونرى كيف تذهب الشّعوب لاختيار قياداتها عبر التّصويت في صناديق الإقتراع .. ونرى كيف تتغيّر القيادات في العالم .. وكيف يتمّ تدافع الأجيال .. ويتمّ ضخّ الدّماء الشّابة الجديدة في قيادة مؤسّساتها .. إلّا في حالتنا الفلسطينيّة .. فلا ‏توجد آليّة نافذة .. يستطيع الشّعب الفلسطيني من خلالها .. أن ينتخب قيادته أو يحاسبها أو أن يسحب الثّقة منها .. ولا توجد إمكانيّة لمحاسبة ومسائلة هذه القيادة من الشّعب مباشرة .. فهي قيادة من المهد إلى الّلحد ‏.. وإلى أن يكتب الله أمراً كان مفعولا ..!!

‏إن هذه الطّبقة السّياسيّة لسلطة أوسلو .. سلطة التّساوق مع الإحتلال وتقديس التّنسيق الأمني .. الّتي أوصلت قضيّتنا إلى فاجعة القرن .. شهدت وعاشت وتفاوضت مع أسماء وقيادات عديدة .. تبدّلت وتغيّرت في دولة الإحتلال وفي العالم .. وما زالت هذه الطّبقة السّلطويّة لغاية اللّحظة جاثمة على صدور شعبنا وتدّعي قيادته .. قليلا من حُمْرة الوجه يا هؤلاء .. وجُلّ أعماركم تقترب من العقد التّاسع ومنكم من دخله ..!!

‏إلى أيّ قوانين ودساتير .. وإلى أيّ شرعيّة وعقيدة .. وإلى أيّ عقد إجتماعيّ وعُرْف .. وإلى أيّ تفاهمات وإلى أيّ لوائح نحتكم مع هذه القيادة المتنفّذة ‏.. ليأخذ شعبنا حقّه في انتخاب قيادته وتقرير مصيره.. ‏؟!

إلى متى سيبقى شعبنا خاضعاً إلى الوصاية والولاية والأبويّة الزّائفة بالعنف والتّسلّط بقوّة وببطش السّلاح والدّولار .. من هذه الطبقة المستفيدة جهوياً ونفوذاً وماديّاً من بقائها في السّلطة .. إنها شريعة الغاب ..؟!

كيف ومتى سيتمكّن الشّعب الفلسطيني من اختيار قيادته .. و‏كيف يمكن للشّعب العربي الفلسطيني الثّائر المناضل .. أن يغيّر أو أن يحاسب أو أن يُسائِل قيادته أسوة بشعوب الأرض ..؟!

إنكم لستم بأنبياء ولا برسل .. إنكم لستم قدر شعبنا وإلى الأبد .. أغربوا عن سمانا .. كفاكم ظلماً وتسلّطاً ..!!

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة.

آخر الأخبار