من حرب الكامب إلى حرب ترامب

د. عادل سمارة
إستمعت إلى حديث السيد ابو مازن، وتذكرت قولاً لفلاح عمره الآن 91 عاماً:
سؤال: شو رايك في حكم الأردن وحكم السلطة؟
فأجابني في إتجاه آخر ، وهو بالمناسبة كان قد سُجن على يد الاحتلال، ومن اسرة طالتها حسنات المخابرات الأردنية قبل 1967، وطالتها يد الاحتلال كثيراً ويد السلطة ايضاً. جواب: تعرف شو المشكلة؟ لأن اليهود بيقصصوا في هالأرضات.
غض الرجل الطرف عن السجون والتعذيب وهدم البيوت وغيرها وتمسك بالأرض، بمعنى أن الصراع هو على الأرض وبأن أي ثمن هو من أجلها فقط.
لم يكن حديث ابو مازن عن موقفه وموقف فتح أمس موفقاً ولا جديد فيه سوى استخدامه لحضور ممثلين عن الفصائل حيث طواهم تحت جناح موقفه ليُبعد الجميع عن ثوابت هذا الشيخ أي الأرض التي لا يراها أبو مازن سوى في حدود 4 حزيران 1967، رغم أن ترامب كراسمالي وخبير صفقات خصم منها 40 بالمئة ليثبت أن شيلوخ هو الفلسطيني وليس الصهيوني، لأن الصهيوني يطالب كل الجسد بينما هناك فلسطينيون يقبلون بأجزاء منه.
وإذا كان الحضور مع 4 حزيران 1967، فليغيروا الشعار ليصبح: حركة كذا لتحرير ما بعد4 حزيران 1967 بما فيها القدس. وحتى بدون القدس، لا مشكلة!
فالثوابت التي تحدث عنها ابو مازن هي ثوابت التطبيع واوسلو والإعتراف، وهذه لا علاقة لها بثوابت الشعب الفلسطيني بل تتقاطع مع صفقة القرن أكثر مما تتقاطع مع محور المقاومة الذي تتقاطع معه ثوابت الشعب وإن كان لا يعبر عنها بوضوح لعديد الأسباب.
في المكتوم تمسك ابو مازن بالتنسيق الأمني الذي وصفه سابقاً وعلانية وبنفس الحرارة بأنه “مقدس. ذلك لأن رفض التنسيق الأمني يعني حل قوات دايتون التي تدربت في الأردن الشقيق ودمنا على أيديها، ويعني وقف التطبيع اي سحب الاعتراف بالكيان الذي لم يخفِ التهامه لبقايا الوطن ولم يعيقه سوى قلة الكادر البشري وربما السيولة المالية.
لم نتوقع جديدا في حديث ابو مازن لسبب رئيس جدا جدا. مثلاً :أن يعقد اجتماعا لِ م.ت.ف خارج الأرض المحتلة ويعلن عن نفسه إما رئيسا للمنظمة أو رئيسا لسلطة أوسلو-ستان، فلم يعد ممكنا “الجمع “ما بين الأختين إلا ما قد سلف”. أما الجمع بينهما فيعني الاستمرار في دور م.ت. ف كناقلة وحاوية وحاضنة ومفرخة للتطبيع وهذا أهم أسباب صمت الشارع العربي واحتقاره لنا . ولذا، لم يتحرك الشارع العربي ضد حرب ترامب، ولا حركه حديث أبو مازن.
لم يغب عن ابو مازن تكرار مديح فتح بأنها اطلقت الرصاصة الأولى، وهذا غير صحيح لسببين:
الأول: أن رصاص شعبنا بدأ منذ 1919 أي قبل اكثر من قرن، فما من فصيل يمثل الشعب بل جزء منه.
والثاني: أن وديع حداد وأحمد جبريل بدؤوا قبل حركة فتح. وأنا انضممت لأبطال العودة عام 1964.
ليس الأمر سباقا عن من بدأ أولاً ولكن أيضاً، لا يجب خلق “اسرة مالكة” لشعب لا يملك وطناً. وكما يقول المثل الشعبي “المراجل عند من لا ينثني ولا ينحني” أي في التمسك بالثوابت.
لم يعد مقبولاً، أنه بينما قام ترامب بوضوح بشطب حل الدولة وحل الدولتين تتجمع قيادات الفصائل لتحتمي ببقايا بقع سمح بها ترامب ونتنياهو، وهو سماح إلى حين. وستتواصل هذه البقع بجسور على كل واحد جندي صهيوني ورجل مخابرات ورجل أو أمرأة عسس/مباحث فلسطيني كي يدله على الوجوه “المشبوهة” اي سيتم ضبط الحكم الذاتي بعشرين إلى ثلاثين حامل مفاتيح الممرات أو حتى بضغط على زر كهربائي إما للإعتقال أو التمرير أي (30-40 معَّاطة دجاج) .
وإذا كان لا بد من الحد الأدنى، كان يجب ان يقول ابو مازن، أو أي ممثل لفصيل:
لنقل للشعب كل شخص أو طرف فليقاتل العدو كما يرى، فقط هكذا، وهذا قلته على فضائية فلسطين اليوم منذ عام 2015 حين كانت بوادر انتفاضة قادها الشهيد المهند مهند الحلبي وأكرره اليوم بان المطلوب من السلطة فقط ما يلي:
• أن تشتغل على دبلوماسيتها كما ترى
• وأن تترك الشعب يقاتل كما يرى، اي لا اعقتالات ولا تعذيب ولا تحقيق ولا تنسيق.
• وهذا هو التنسيق الشعبي.
أنا أعلم أن مخطط أوسلو-ستان هو صناعة تراث/تاريخ وخبرة استعمار غربي ملخصه: “إربط تكاليف حياته بك، وحينها سيلحق بك ويعمل ما تريد”. وحديث الفلاحين “إضبعه- من قيام الضبع برش الضحية بسائل معين يُفقده وعيه ويتبع الضبع إلى جحره –نسمة الموشرة ويفترسه” أي أفسده بالمال/بالرَيْع-وروِّعه بقطع الريع”. أي أن حل السلطة غير وارد، كان واردا في السنوات الأولى، ولهذا حديث طويل كررناه بالتنمية بالحماية الشعبية.
فقط المطلوب “ديمقراطية” العمل الوطني مقابل شمولية العدوان الأمريكي الصهيوني الرسمي العربي المعولم. لقد أقام ترامب اعتبارا حتى لممثل شكلاني للكيان، أقصد جانس الذي ذبح من غزة حتى أُتخم، أكثر من الاعتبار ل 22 حاكم عربي و 57 حاكم إسلامي.
أما الحد الأدنى الخارجي فأن تنتقل م.ت.ف إلى محور المقاومة، إلى دمشق، إلى الضاحية الجنوبية، وهذه بداية التجديد.
وإلى من يتحدثون على الشاشات، لا تستمروا في إهلاك الوعي الجمعي الشعبي، فإما ان تقولوا ما يجب أن يُقال، وإما أن تعتادوا على الصمت.
وأخيرا، لقد ألمح ابومازن إلى ثلث حقيقة متغيرات عالم اليوم حيث ذكر أن هناك مؤيدين لحق شعبنا، ، بعض الأمريكيين، والصين وروسيا…الخ. فهؤلاء مستوى زَلِق من التعاطف وتعاطفه لا يذهب أعمق من 4 حزيران 1967، بل وأقل كثيراً.
لكنه بخُل عن ذكر محور المقاومة وبخل عن ذكر كل الشارع العربي.
وحتى بخُل عن توضيح بان إدارة ترامب تقفز في الهواء. فما عجزت عنه أمريكا حينما كانت الأقوى في العالم لن تتمكن منه أمريكا اليوم وهي في تراجع، في أضعف مراحلها. ولا اريد إعطاء دروس في الاقتصاد.

ملاحظة: قد تبدأ حالة انتفاضة موضعية وموقعية مجدداً، ولنحذر أن لا يقوم البعض بنشر “بيان رقم 1” كما زعموا أنهم فجروا انتفاضة 2015 التي وصفتها بأنها موضعية موقعية فقط، ولهذا حينه للنشر!!!

 

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة.

آخر الأخبار