أين نحن من انتفاضة فلسطينية جديدة؟

أين نحن من انتفاضة فلسطينية جديدة؟

في 28 أيلول العام 2000، اقتحم آرييل شارون باحات المسجد الأقصى، بحماية نحو ألفي جندي إسرائيلي، وأعلن “إن الحرم القدسي سيبقى منطقة إسرائيلية”، مما أثار ردود فعل فلسطينية غاضبة، فاندلعت المواجهات بين المصلين الفلسطينيين والجنود الإسرائيليين. ولاحقاً، شهدت مدينة القدس مواجهات عنيفة، سرعان ما امتدت إلى جميع مدن الضفة الغربية وقطاع غزة، فكانت “انتفاضة الأقصى”، الانتفاضة الفلسطينية الثانية.

يوم الأربعاء الماضي في الثالث من أيلول، اقتحم رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الحرم الإبراهيمي في الخليل ليعلن :”عدنا إلى الخليل، عدنا إلى الكنس والمدارس الدينية، عدنا إلى الحرم الإبراهيمي وهذا هو انتصارنا”. وأطلق تعهدات بالحفاظ على الوجود الإسرائيلي في المنطقة، وتوجه إلى المستوطنين قائلاً :”تذكروا إن هذه أرض إسرائيل، أرضنا، وسنفرض السيادة اليهودية على المستوطنات كافة، ونعلنها جزءاً من دولة إسرائيل”.

تأتي زيارة نتنياهو إلى الخليل في سياق حملته الانتخابية في محاولة منه لكسب أصوات المستوطنين المتطرفين، خاصة وإنه يحتاج إلى كل صوت بعد تشتت أصوات القوائم اليمينية في الانتخابات السابقة.

في سياق متصل، قام نتنياهو بطرد بعثة المراقبة الدولية من الحرم الإبراهيمي في شباط الماضي. وقد أنشأت هذه البعثة في أعقاب مجزرة الحرم في شباط 1994، والتي نفذها أحد المستوطنين وذهب ضحيتها 29 شهيداً وجرح 15 داخل الحرم أثناء تأديتهم الصلاة، إضافة إلى 31 شهيداً وجرح 200 فلسطيني خارج الحرم.

الخطوتان متلازمتان والهدف واحد: تهجير مزيد من الفلسطينيين من البلدة. والسؤال لماذا أنتجت زيارة شارون الانتفاضة الثانية، في حين أن زيارة نتنياهو لم تنتج انتفاضة جديدة؟ ولماذا اقتصرت ردود الفعل الفلسطينية على أهالي الخليل وحدهم برفع الأعلام السوداء على منازلهم؟

إن ما هو أخطر من زيارة رئيس الوزراء الإسرائيلي الاستفزازية للحرم الإبراهيمي، هو رد فعل السلطة الفلسطينية الذي كان باهتاً، مقتصراً على بيانات الشجب والاستنكار، والتحذير من التداعيات. عن أية تداعيات تتحدث سلطة أبو مازن؟ ومن تحذر؟ ألم يكن باستطاعة هذه السلطة أن تحرك مئات المتظاهرين في المدينة؟ وإذا كانت سلطة أبو مازن ضد المقاومة المسلحة ومع المقاومة السلمية، فأين هي هذه المقاومة ومتى يأتي دورها؟

نتنياهو يستعد لضم الأراضي في الضفة المحتلة، وخصوصاً المناطق الأقل كثافة سكانية إلى دولة الكيان الصهيوني، فماذا سيفعل أبو مازن؟ هل سيبقى قابعاً في رام الله وينتظر مصيراً مشابهاً لمصير ياسر عرفات؟

قد تكون زيارة بنيامين نتنياهو إلى الخليل بحثاً عن انتصار في الانتخابات المقبلة، لكنها في مغزاها الحقيقي تعبر عن استراتيجية تعمل عليها تل أبيب وعنوانها إن لا مكان للفلسطينيين على أرضهم. فإذا كانت سلطة محمود عباس ما زالت تعيش وهم “السلام” وحل الدولتين، فأين هي باقي فصائل المقاومة الفلسطينية بيمينها ويسارها من قضيتها الأساس باستعادة الأرض؟

دعوا الأرض لأهل الأرض، أهلها، شبابها وأطفالها، الذين يواجهون وحدهم بالصدور العارية الآلة العسكرية الوحشية، وكفوا عن إصدار بيانات الشجب والاستنكار والتنديد.

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة.

آخر الأخبار