اليوم.. الذكرى الـ 31 على انطلاقة الانتفاضة الفلسطينية الأولى «انتفاضة الحجارة»

يصادف اليوم الثامن من ديسمبر الذكرى الواحدة والثلاثون لانتفاضة فلسطين الشعبية (انتفاضة الحجارة) والتي امتدت 79 شهرا ما بين الـ8 من كانون الأول 1987 حتى العام 1994 . فقد شهدت الأراضي الفلسطينية في شهر 8 كانون الأول عام 1987انتفاضة شعبية واسعة شارك فيها كافة أبناء الشعب الفلسطيني في الداخل مدعوما من قيادة فلسطينية بالخارج، واستشهد فيها أكثر من 1500فلسطيني وجرح حوالي 70 ألف فلسطيني واعتقل فيها نحو 100 الف فلسطيني لمرة واحدة أو بضع مرات ، وإبعاد قرابة 500 شخصية فلسطينية .وسمّيت بهذا الاسم لأن الحجارة كانت الأداة الرئيسية فيها، كما عُرف الصغار من رماة الحجارة بأطفال الحجارة. وانتفاضة الشعب الفلسطيني لن تتوقف ما دام هناك احتلال اسرائيلي، فهي شكل من أشكال الاحتجاج العفوي الشعبي على السلب والظلم، والوضع العام المزري في المخيمات، وانتشار البطالة، والقمع اليومي الذي تمارسه سلطات الاحتلال الإسرائيلي ضد الفلسطينيين.

انطلاق الانتفاضة
بدأت الانتفاضة يوم الـ 8 من ديسمبر 1987، وكان ذلك في جباليا، في قطاع غزة. ثمّ انتقلت إلى كل مدن وقرى ومخيّمات فلسطين. ويعود سبب الشرارة الأولى لاندلاعها لقيام سائق شاحنة إسرائيلي بدهس مجموعة من العمّال الفلسطينيين من جباليا على حاجز «إيريز»، الذي يفصل قطاع غزة عن باقي أراضي فلسطين منذ سنة 1948، ما أودى بحياة أربعة أشخاص وجرح آخرين، وقد اكتفت الإذاعة العبرية بإعلان الخبر دون أن تركز عليه لأنه كان عبارة عن حادث يشبه العديد من الحوادث المماثلة. وفي اليوم التالي وخلال جنازة الضحايا اندلع احتجاج عفوي قامت الحشود خلاله بإلقاء الحجارة على موقع للجيش الإسرائيلي بجباليا-البلد فقام الجنود بإطلاق النار على المشاركين فيها وهو ما شكل أول شرارة للانتفاضة، بالاضافة الى وجود أسباب عميقة لها تتمثل فيما يلي: الشعب الفلسطيني لم يتقبل ما حدث له بعد حرب 1948، وبالذات التشريد والتهجير القسري وكونه يتعرّض لممارسات العنف المستمرّة والإهانات والأوضاع غير المستقرّة. علاوة على الجوّ العامّ المشحون والرغبة في عودة الأمور إلى نصابها قبل الاحتلال، كما أنهم كأي شعب لايرضى باحتلال قوّة أجنبيّة للأرض التي يعيش عليها منذ آلاف السنين.
كما انه لتردّي الأوضاع الاقتصادية بعد حرب الأيام الستة دور كبير في اندلاعها، فقد فُتح للفلسطينيين باب العمل في إسرائيل مما سمح للاقتصاد المحلي بأن يتطور ولكن سرعان ما تدهورت الأوضاع إذ بدأ الفلسطينيون يتجرعون إذلالات يومية وبدأت ظروف العمل تتدهور. بالاضافة الى التمييز بخصوص الأجور إذ بالنسبة لنفس العمل يتقاضى الفلسطيني أجرًا يقل مرتين عن نظيره الإسرائيلي كما كان يمكن طرد العامل الفلسطيني دون دفع أجره. كما كان الفلسطيني مطالبا بتصاريح للتنقل من الصعب الحصول عليها، بالإضافة إلى عمليات التفتيش اليومية التي يتعرضون لها في بيوتهم. وكان يتم كذلك خصم 20% من المرتبات على أساس أنها ستصرف على الضفة والقطاع لكن بدل ذلك كانت تمول المصاريف العامة الإسرائيلية.
ومن أهم أسبابها -ايضًا- احتلال إسرائيل مدينة القدس سنة 1967 واعلانها فيما بعد عاصمة أبدية لها، مع ما صاحَبَ ذلك من إجراءات من بينها تقنين الدخول إلى الحرم الشريف وأماكن العبادة الإسلامية. كما تم الاستيلاء على عدد من الأراضي لترسيخ فكرة القدس كعاصمة غير قابلة للتقسيم من خلال بناء المستوطنات بها. كان الجنرال موشيه دايان يهدف كذلك من خلال بناء المستوطنات إلى الاستيلاء على الأراضي الفلسطينية بطريقة متخفية ودعمه الليكود وحزب العمال الإسرائيلي في ذلك لأنه سيؤدي إلى قيام دولة إسرائيل الكبرى.
بالإضافة إلى استعمال مصادر المياه الموجودة داخل الأراضي المحتلة لصالح المستوطنين.
الرد العسكري الإسرائيلي
أعلن إسحق رابين خلال كلمة ألقاها في الكنيست الإسرائيلي: «سنفرض القانون والنظام في الأراضي المحتلة، حتى ولو عانينا لفعل ذلك». وأضاف قائلاً «سنكسر أيديهم وأرجلهم لو توجب ذلك».
لقد بلغت الانتفاضة أعلى مستوى لها في شهر فبراير/شباط عندما نشر مصور إسرائيلي صور جنود يكسرون أذرع فلسطينيين عزل باستحدام الحجارة في نابلس عملاً بما هدد به رابين. وتناقلت تلك الصور وسائل الاعلام الدولية مما أثار مشاعر التعاطف مع الفلسطينيين. أما إسرائيل فقد اتبعت سياسة تهميش منظمة التحرير والإيقاع بين حركة حماس والفصائل الأخرى.
وعندما فشل الجيش الاسرائيلي في مواجهة الانتفاضة، استنجد بحرس الحدود من أجل إخماد الثورة الشعبية. ويُعرف عن حرس الحدود قدرتهم على السيطرة وقمع الحشود الضخمة كما يُعرفون بعنفهم. ثم أن متوسط أعمارهم يترواح بين 35 و 40 سنة ولديهم بالتالي خبرة كبيرة. تم اللجوء أولا إلى اللواء رقم 20 و 21 اللذين قاما بمراقبة الحدود بين إسرائيل ولبنان خلال غزو لبنان عام 1982. ولكن تدخل حرس الحدود لم يوقف الانتفاضة، وفي أكتوبر من عام 1988 أعلنت الحكومة الإسرائيلية عن وجود وحدتين جديدتين في القطاع والضفة الغربية مكونتين من أشخاص يتقنون العربية ومتخفين في ملابس مدنية وتتلخص مهمتهم في التغلغل داخل المقاومة الفلسطينية.
تطور الانتفاضة
تميزت الانتفاضة بحركة عصيان وبمظاهرات ضد الاحتلال. امتدت بعد ذلك إلى كامل الأراضي المحتلة مع انخفاض لوتيرتها سنة 1991. فبعد جباليا البلد انتقلت إلى مخيم جباليا ومن ثم انتقل لهيب الانتفاضة إلى خان يونس والبرج والنصيرات ومن ثم غطى كل القطاع وانتقل بعد ذلك إلى الضفة. وقد تولى الانتفاضة عموما الأطفال والشباب الذين كانوا يرشقون الجنود بالحجارة ويقيمون حواجز من عجلات مشتعلة. كما كانوا يجتمعون حول الجوامع ويتحدون الجيش بأن يقوم بتفريقهم. وقد استعملت مكبرات الصوت لدعوة السكان إلى التظاهر كما كانت توزع المناشير ويتم الكتابة على الجدران للثورة ضد جيش الاحتلال الإسرائيلي.
نشأت لجان محلية داخل المخيمات عملت على تنظيم الغضب غير المسلح للشارع الفلسطيني ضد الاحتلال الإسرائيلي المسلح والشد من أزره والتقريب بين صفوفه وذلك عن طريق توفير المؤونة والتعليم والأدوية وباقي الخدمات الضرورية للمخيمات والمناطق التي يطبق فيها حظر التجول.
اشتغلت هذه اللجان في البداية بشكل مستقل ولكن سرعان ما توحدت في هيئة تضم فتح والجبهتين الشعبية والديمقراطية والحزب الشيوعي وكانت لهذه الهيئة علاقات تنظيمية مع منظمة التحرير الفلسطينية.
طالبت هذه الفصائل بإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة في الضفة الغربية وقطاع غزة وبالانسحاب الإسرائيلي خارج حدود عام 1967. واستمرت الانتفاضة إلى غاية سنة 1993 تاريخ التوقيع على اتفاقية أوسلو. كما ساهمت هذه الانتفاضة في نشوء حركة حماس الداعم القوي لها التي أعلنت عن نفسها عام 1987.
وقد سعى الفلسطينيون عبر الانتفاضة إلى تحقيق عدة أهداف يمكن تقسيمها إلى ثوابت فلسطينية ومطالب وطنية:
ثوابت فلسطينية تتمثل بإقامة دولة فلسطينية مستقلة وعاصمتها القدس وتمكين الفلسطينيين من تقرير مصيره،وتفكيك المستوطنات، وعودة اللاجئين دون قيد أو شرط،وتقوية الاقتصاد الفلسطيني: تمهيدا للانفصال عن الاقتصاد الإسرائيلي.أما المطالب الوطنية فهي: إخلاء سبيل الأسرى الفلسطينيين والعرب من السجون الإسرائيلية،ووقف المحاكمات العسكرية الصورية والاعتقالات الإدارية السياسية والإبعاد والترحيل الفردي والجماعي للمواطنين والنشطاء الفلسطينيين، ولم شمل العائلات الفلسطينية من الداخل والخارج،و وقف فرض الضرائب الباهظة على المواطنين والتجار الفلسطينيين، ووقف حل هيئات الحكم المحلي المنتخبة من مجالس بلدية وقروية ولجان مخيمات، وإتاحة المجال أمام تنظيم انتخابات محلية ديموقراطية للمؤسسات في البلاد، ووقف ارتكاب ما يتعارض مع العادات الفلسطينية.
جمانة ابو حليمة-الدستور

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة.

آخر الأخبار