الواقع التعليمي للاجئي فلسطين في سوريا

علي بدوان
صحيفة الوطن العمانية
نحن أمام واقع جديد بالنسبة لوكالة الغوث وساحة عملها في سوريا، حيث يترتب عليها الاستعداد للبدء بإعادة إعمار منشآتها بدعم الدول المانحة مع بدء عملية إعادة الإعمار في سوريا ككل، وقد حصلت من الآن على موافقة الحكومة السورية.
أكدت عدة مصادر فلسطينية مُتطابقة، بأن الحكومة السورية أبلغت مكتب المفوض العام لوكالة الأونروا بدمشق، بموافقتها على تشكيل لجنتين فنيتين لدراسة واقع منشآت الوكالة ووضع الخطط اللازمة لترميم المدارس والمؤسسات والمنشآت التابعة لها في مخيم اليرموك للاجئين الفلسطينيين، حيث كان يضم اليرموك قبل محنته الأخيرة عدة مراكز للوكالة بلغ عددها (32) مركزا، منها مستوصفين مدمرين بالكامل، ومركز تأهيل مهني، ومركز دعم الشباب. إضافة إلى (28) مدرسة للوكالة تعمل بنظام الفترتين من أصل (118) مدرسة للوكالة في المخيمات والتجمعات الفلسطينية في سوريا، إضافة إلى ثمانية مدارس حكومية.
وعلى الرغم من أنَّ الظروف الأمنية كانت قد قيّدت أعمال الوكالة في الفترات السابقة التي شهدت سخونة عسكرية في بعض مناطق أرياف دمشق المحيطة، بقيت الوكالة ملتزمة بالمضي قدما في جهودها وفي تنفيذ برامجها وسط مجتمع لاجئي فلسطين في سوريا، حيث تم افتتاح المدارس والمراكز البديلة والمؤقتة، والتي ما زالت إلى الآن تقدم خدماتها لمجتمع اللاجئين الفلسطينيين في سوريا.
المشكلة الكبرى في هذا المجال، أن إعادة بناء مدارس ومؤسسات الوكالة يحتاج لتدخل الدول المانحة، فالميزانية العامة للوكالة لا يمكن لها أن تؤدي هذا الغرض، بل يتوجب على الوكالة إطلاق عدة نداءات للطوارئ للدول المانحة، وبشكل متتابع مع إنجاز كل مرحلة حال تم البدء بإعادة الإعمار، نداء أول وثانٍ وثالث وحتى رابع للدول المانحة من أجل العمل على إعادة بناء مؤسسات الوكالة، حيث طال التدمير نحو سبعين بالمائة من منشآتها في سوريا بشكلٍ عام، لكن الدمار الذي لحق بمؤسساتها باليرموك يكاد يكون كليا. وبالتالي فإن المدارس البديلة في المناطق الملاصقة لليرموك ستكون عونا مؤقتا إلى حين إعادة إعمار مدارس ومنشآت الوكالة المدمرة في مخيم اليرموك في المرحلة التالية بعد انطلاق عملية إعادة الإعمار.
مدارس الأونروا شمعة وهاجة، كانت على الدوام طريقا لتلاميذ وطلبة لاجئي فلسطين في سوريا، وميدانا للتفوق العلمي، لكن مأساة فلسطينيي سوريا في ظل المحنة القاسية التي تعرضوا لها، تحتاج لوقت قد يكون طويلا كي تندمل الجراح، وتسير نحو البلسمة. وبالرغم من كل ذلك فإن التلاميذ والطلبة من لاجئي فلسطين في سوريا يتفوقون كل عام في تحصيلهم العلمي على مستوى القطر العربي السوري في الشهادتين الإعدادية والثانوية العامة.
وعمليا، تقدم وكالة الأونروا تعليما أساسيا ابتدائيا وإعداديا لما مجموعه نحو تسعين ألف تلميذ وطالب من أبناء لاجئي فلسطين في سوريا، تبلغ نسبة الطالبات والتلميذات بينهما نحو (48,5%) والباقي من التلاميذ والطلاب، وذلك وفق إحصائيات ومعطيات وكالة الأونروا في تقريرها الصادر في حزيران/ يونيو للعام الماضي. وذلك عبر (118) مدرسة تعمل جميعها وفق نظام الفترتين من أصل (639) مدرسة تابعة للوكالة في مناطق عملياتها الخمس (سوريا + لبنان + الضفة الغربية والقدس + الأردن + قطاع غزة).
ويتلقى (79%) من التلاميذ الفلسطينيين في سوريا تعليمهم بالمرحلة الابتدائية في مدارس الأونروا، و(21%) في المدارس الحكومية السورية، بينما تستأثر مدارس الأونروا على (84%) منهم في المرحلة الإعدادية. وتتبع تلك المدارس المنهاج الوطني المعتمد من قبل وزارة التربية والتعليم السورية. كما تقوم الوكالة أيضا بإدارة مركز للتدريب المهني في دمشق يقوم بإعداد الشباب من لاجئي فلسطين للتوظيف من خلال تسليحهم بالمهارات القابلة للتسويق.
فالوكالة تعمل على رعاية نحو (1000) طالب فلسطيني من الفتيان والشبان الذين لم يتابعوا تعليمهم في المدارس الثانوية لأسباب مختلفة، حيث يتلقون تدريبا مهنيا في مركز التدريب المهني الوحيد التابع للأونروا في سوريا والمعروف اختصارا باسم معهد الـ(D . t . c ) الواقع في منطقة المزة بدمشق حيث أنشئ عام 1961 بتبرع خاص من ألمانيا الاتحادية وإنجلترا بهدف توفير فرص التدريب الفني والمهني للشبان الفلسطينيين، ومن أجل مساعدتهم في تأمين مستقبلهم ومساعدة عائلاتهم بالاعتماد على أنفسهم، ويوفر المركز التدريب الفني للذكور والإناث من حملة الشهادة الثانوية من خلال اختصاصات مُتعددة منها: مساعد صيدلي، فني تحليل مخبري، إلكترون وكمبيوتر، مساعد مهندس مدني، مساعد مهندس ديكور وتصميم داخلي، مساعد مهندس معماري، إدارة أعمال. والتدريب المهني لحملة الشهادة الإعدادية وبالاختصاصات الآتية: راديو وتلفزيون، ميكانيك سيارات، تكييف وتبريد، ميكانيك الديزل ومعدات البناء، دهان هياكل السيارات، تسوية وخراطة، التسوية الآلية ومنجور الألمنيوم، صيانة الآلات المكتبية، كهرباء السيارات، اللحام الكهربائي والاكسجيني، تمديدات صحية وتدفئة مركزية، نجارة وتصنيع أثاث، كهرباء، تصفيح معدني.
إلى ذلك فإن الجامعات السورية في مختلف المدن، والمعاهد الصناعية والفنية والمهنية التابعة لوزارة التعليم العالي السورية وباقي الوزارات، تستحوذ على أعداد كبيرة من الطلبة الفلسطينيين الحائزين على الشهادة الثانوية وذلك في مختلف الفروع والاختصاصات.
كما يرتفع مجموع الطلاب الفلسطينيين في الجامعات السورية سنويا بشكل مطرد. ويمكن العودة إلى بعض المجموعات الإحصائية ذات الصلة لإلقاء نظرة على توزع الطلبة الفلسطينيين في مختلف كليات الجامعات السورية، فمثلا في بدايات الأزمة كانت نسبة المسجلين في كليات الآداب (31,8%) وفي كليات التجارة والاقتصاد (9,7%)، وفي كليات التربية (4,6%) وفي كليات الحقوق والقانون الدولي (7,3%)، وفي كليات العلوم (13,4%)، وفي كليات الهندسة (17,8%) وفي كليات الطب البشري (6,4%)، وفي كليات الصيدلة (2%) وفي كليات طب الأسنان (3,2%) وفي كليات الزراعة (1,7%) وفي كليات الشريعة (1,2%) وفي كليات الطب البيطري (0,4%) وفي كليات الفنون الجميلة (0,4%) وذلك من العدد الإجمالي للطلبة الفلسطينيين المسجلين في مختلف كليات الجامعات السورية.
وبالنتيجة، نحن أمام واقع جديد بالنسبة لوكالة الأونروا وساحة عملها في سوريا، حيث يترتب عليها الاستعداد للبدء بإعادة إعمار منشآتها بدعم الدول المانحة مع بدء عملية إعادة الإعمار في سوريا ككل، وقد حصلت من الآن على موافقة الحكومة السورية.
ربما تحتوي الصورة على: ‏‏‏‏شخص أو أكثر‏، و‏حشد‏‏ و‏نشاطات في أماكن مفتوحة‏‏‏
قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة.

آخر الأخبار