مشهد يتم تنفيذه بمشاركة سلطتي “الأمر الواقع” في الضفة والقطاع، وبدعم عربي.

السؤال متى سيتم عرض “صفقة ترامب”، بل متى ينتهي تنفيذها الكامل كصفقة إقليمية كبرى!

كتب حسن عصفور/ بعد انتهاء وصلة الكذب العلني لفرقة رئيس سلطة رام الله، عن إسقاط بطلهم الدنكيشوتي “صفقة ترامب”، واعترفوا بأنها صفقة للتنفيذ وليس للنقاش، وبدأ العمل بها، لجأوا الى “حفلة تزوير” جديدة، على لسان أمين سر تلك الفرقة بالقول أن لا دولة عربية ستقبل تلك الصفقة، مناورة لتمرير الاختراق الإسرائيلي لبعض دول الخليج، والدور العماني المتسارع في تسهيل تمريرها ضمن حسابات غير معلومة، لكن ملمح الصفقة الواقعي جاء عبر مشروع “سكة حديد السلام الإقليمي”، الذي عرضته إسرائيل في مؤتمر بالعاصمة العمانية، مسقط.
لكن، الذي تهرب منه تلك الفرقة، بل وتصمت عليه صمتا مريبا، أن التنفيذ العملي لخلق “وقائع مادية” لتلك الصفقة، قد بدأ من أرض محافظة سلفيت، ومن داخل مستوطنة أرئيل حيث عقد السفير الأمريكي في تل أبيب فريدمان لقاء ضم تجار فلسطينيين بمستوطنين لخلق “تعاون اقتصادي مشترك” فوق اراضي الضفة وبالتحديد في منطقة (ج)، والتي سيسمح بتعاون اقتصادي فلسطيني إسرائيلي فيها.
في منتصف شهر أكتوبر 2018، عقدت الهيئة التأسيسية لغرفة تجارية مشتركة (إسرائيلية “مستوطنين” – فلسطينية) اجتماعا في مستوطنة ارئيل فوق أراضي سلفيت بالضفة، برئاسة السفير الأميركي في تل أبيب ديفيد فريدمان، حيث وعد السفير “الغرفة التجارية” بتقديم عشرة ملايين دولار دفعة اولى من الاموال التي كانت مخصصة لوكالة الغوث، من أجل إقامة منطقة صناعية مشتركة بين مستوطنين وفلسطينيين في دورا والظاهرية بالخليل جنوب الضفة.
العمل التنفيذي لصفقة ترامب، أخذ مظاهر محددة بإنشاء محطات وقود في يطا على مداخل بلدة دورا وسوق تجاري جديد على مدخل بلدة السموع بالخليل، في منطقة (ج)، تتميز تلك المحطات والمتجر بأسعار تنافسية جاذبة للسكان في المنطقة.
الفضيحة السياسية، أن قيادة سلطة رام الله وأجهزتها الأمنية تعلم تفاصيل تلك الاجتماعات في مستوطنة أرئيل، ومن هي الشخصيات التي شاركت فيها (نحتفظ بأسماء بعض المشاركين وغالبيتهم من محافظة الخليل)، كما أنها على دراية كاملة بالنشاطات الاقتصادية التي يتم تنفيذها بشكل مشترك بين “رجال أعمال فلسطينيين ومستوطنين”، لكنها تغض الطرف عن تلك النشاطات، ولا تجرؤ التعرض لأي من الشخصيات المشاركة بها، بل أنها لم تستدع أي من المشاركين في لقاء مستوطنة أرئيل، لمعرفة ما الذي تم وسيتم.
صمت السلطة وأجهزتها الأمنية، هو مشاركة عملية في تمرير الصفقة الأمريكية لتكريسها من الباب الاقتصادي – التجاري، كمظهر بعيد عن الأثر السياسي المباشر، دون أن يلمس المواطن ذلك.
قيادة السلطة وفتح، تصمت عما تقوم به الإدارة الأمريكية عبر السفير الصهيوني فريدمان، رغم كل الادعاءات الكلامية بأنها ترفض الصفقة، وتعمل على عدم تمريرها، لكنها واقعيا تمارس كل ما هو لخدمتها، بل وتسهيل أدوات تنفيذها، فالصمت على النشاطات “التجارية المشتركة” مع المستوطنين هو مشاركة فعلية في خلق واقع جديد في المنطقة (ج)، تساوقا مع المشروع الإسرائيلي لمصادرة 60 % من الضفة الغربية بمسميات مختلفة، وحصر المشروع الكياني ضمن حدود الـ40% التي تعرف بمنطقتي (أ، ب)، المشروع الذي أشار اليه رئيس حكومة دولة الكيان نتنياهو قبل أيام، بأن سيادة إسرائيل ستبقى من البحر الى النهر، وأن الفلسطينيين يمكنهم إعلان كيان ضمن نسبة الـ40% كأكثر من حكم ذاتي وأقل من دولة، دون أن يتطرق الى مصير قطاع غزة.
عند الإشارة، ان المرحلة الثالثة للصفقة الأمريكية بدأت عمليا في قطاع غزة من خلال “صفقة التهدئة مقابل المال”، دون أن ندخل في جدل مسمى تلك الصفقة لأغراض دعائية فصائلية “كاذبة”، فهي بدأت أيضا في دخول مرحلتها الرابعة بالتوازي، من خلال تنفيذ نشاطات تجارية في بلدات بالخليل، سارعت لتكريس “التعاون” من خلال تشكيل “غرفة تجارية مشتركة” برعاية أمريكية مباشرة ودعمها ماليا.
ما يحدث في الضفة وقطاع غزة، مساهمة عملية في تنفيذ “صفقة ترامب”، وبخطى أسرع من كل الحسابات القديمة، بالتواز مع تنفيذها “إقليميا” لتصبح خلال فترة واقعا كاملا، يحدد ملامح مشروع تهويدي في الضفة والقدس، وفصل قطاع غزة مؤقتا لترسيخ كيان خاص الى حين إعلان “كيان بعض الضفة” ثم يبدأ بحث كيفية خلق ترابط بين “كياني” المشروع الفلسطيني، وإعلانه جسما سياسيا وفق المسموح به أمريكيا إسرائيليا.
مشهد يتم تنفيذه بمشاركة سلطتي “الأمر الواقع” في الضفة والقطاع، وبدعم عربي رسمي تحت شعارات مختلفة.
لم يعد السؤال متى سيتم عرض “صفقة ترامب”، بل متى ينتهي تنفيذها الكامل كصفقة إقليمية كبرى!

 

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة.

آخر الأخبار