هل يترجم مشروع “نيوم” بنود صفقة القرن؟

عواصم: جاءت الزيارة الأخيرة لولي العهد السعودي محمد بن سلمان إلى مصر، والإعلان عن تعهد القاهرة بـ1000 كيلو متر من سيناء لصالح مشروع مدينة نيوم العملاق الذي أعلنت عنه المملكة سابقا، ليفتح باب الكثير من التكهنات حول المشروع وخلفياته السياسية.

مراقبون كثر ذهبوا إلى التأكيد على أن المشروع هو البذرة الأولى لصفقة القرن التي يتم الحديث عنها دون الكشف عن بنودها، كاشفين عن الدور الإسرائيلي المنتظر كمسؤول تقني للمشروع، فضلا عما ينتظر الفلسطينيين من مآلاته كالتوطين في سيناء وغيره.

أنباء تعهد مصر بجزء من سيناء للمشروع فتح شهية الكثيرين للتساؤل حول حقيقة ما يجري في سيناء الآن؟ وما هو مشروع نيوم هذا؟ وهل حقاً نيوم هي التطبيق العملي لفكرة “صفقة القرن”؟

مشروع الأحلام

بنظرة على مشروع نيوم والتي تعني المملكة الجديدة، يمكن وصفه بأرض الأحلام فهو عبارة عن منطقة اقتصادية “ذكية” واسعة، تشمل أجزاء من 3 بلدان، السعودية ومصر والأردن.

المشروع الحلم سيتحرك في 9 محاور اقتصادية متخصصة تعنى بمستقبل كل من الطاقة والمياه، والتنقل، والتقنيات الحيوية، والغذاء، والعلوم التقنية والرقمية، والتصنيع المتطور، والإعلام والإنتاج الإعلامي، والترفيه، والمعيشة.

سيكون هناك بالتالي، مصانع لإنتاج غذاء غير تقليدي، ومعامل، واستديوهات عالمية للتصوير، ومنتجعات سياحية، موانئ ضخمة، ومصانع إنتاج طاقة متجددة، وغيرها. هي “مدينة أحلام” إذن بالمعنى الحرفي.

يقع المشروع الحلم بين ثلاث دول، بمساحة 26 ألف كم مربع شمال غرب السعودية بإطلالة واسعة على البحر الأحمر وخليج العقبة، و1000 كم مربع في جنوب سيناء المصرية، تبدأ من “جسر سلمان” المزمع إقامته، وتمتد حتى مدينة شرم الشيخ.

ويتمدد المشروع في الأردن ليشمل أراضي العقبة المحاذية للحدود السعودية، وتكون مدينة العقبة نفسها جزءاً من المشروع، وفقاً لتصريحات ناصر الشريدة رئيس سلطة منطقة العقبة الاقتصادية الخاصة.

وستصل تكلفة استثمارات المشروع 500 مليار دولار.

حتى هذه النقطة وجميع هذه المعلومات معلن عنها بالفعل، لكن ماذا عما لم يتم الإعلان عنه؟

خفايا مشروع “نيوم”

ووفقا لموقع “هاف بوست عربي”، فإن دبلوماسيا غربيا مطلعا على الملف أكد أن هذا المشروع بعيداً عن الجانب الاقتصادي، رغم أهميته، إلا أن الشق السياسي له لا يقل أهمية.

وأضاف إن زيارة صهر الرئيس الأميركي ترمب ومستشاره جاريد كوشنر، السرية للمملكة العربية السعودية في أكتوبر/تشرين الأول 2017، والتي كشفت عنها قناة CNN، لم تكن في حقيقة الأمر إلا لوضع اللمسات النهائية لهذا المشروع الاقتصادي – السياسي، مع كل من ولي العهد السعودي بن سلمان والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي.

وأوضح أن الفكرة باختصار هي أن “نيوم” ستكون نهاية الأزمة الإقليمية التاريخية بين العرب و”إسرائيل”، إذ سيبدأ المشروع من جنوب سيناء في مصر أولاً، ليمتد شمالاً لتشمل شبة جزيرة سيناء كاملة، وبذلك يكون ذلك المثلث العملاق الممتد في مصر والأردن والسعودية “منطقة اقتصادية حرة”.

وقال “سيسمح هذا بهدوء وبساطة للفلسطينين بالتحرك والعمل، بل والعيش في الجزء المصري. وقد اتفق على أن تتولى إسرائيل مسؤولية الشق العلمي والتقني في المشروع”.

الدبلوماسي وصف هذا المشروع بأنه “صفقة رابحة للجميع”، من جانب “إسرائيل” ستنهى عزلتها وتصبح معترفاً بها إقليمياً من جيرانها، وأزمة الفلسطينيين ستحل وسيوفر لهم فرص عمل جديدة بالمشروع. “نفس الشيء للجانب المصري والأردني: آمال وفيرة وفرص عمل جيدة. حقيقة أراه مشروعاً رابحاً”.

وعلق الدبلوماسي قبل أن ينهي حديثه، قائلاً “أما الحكام الأربعة فهم مناسبون جداً وتواقون لانتهاز الفرصة، بن سلمان والسيسي كلاهما يريد دعم الغرب السياسي للحفاظ على سلطتهم، ونتنياهو يواجه أزمات لا تخفى على أحد، وترامب تاجر ماهر، سيحقق أرباحاً مالية غير مباشرة عبر الشركات الأميركية التي ستأخذ نصيباً جيداً من المشروع”.

وأضاف أن المشروع سيمثل بالطبع مجداً غير مسبوق لترمب، إذا نجح في تصفية الأزمة الفلسطينية الإسرائيلية بسلاسة، “ألم أقل لك أراه مشروعاً جيداً”.

وقال “حتى الآن الجميع متناغم، وقد نفذت مصر الشق الأول فعلياً بتسليمها جزيرتي تيران وصنافير للمملكة لتكون في قلب المشروع، وحالياً يقوم الجيش المصري بتطهير سيناء من الإرهاب تمهيداً للبدء في المشروع، ومن جانبها بدأت المملكة في توفير السيولة الواجبة للمشروع بإنشاء صندوق مشترك قيمته 10 مليارات دولار مع مصر تدخل فيه السعودية بالمال ومصر بحصتها في الأرض”.

معضلة أردنية

وتطرق الدبلوماسي الغربي إلى أن الأردن قد تكون مشكلة المشروع، لافتا إلى وجود أزمتين بين عمان والرياض، الأولى سياسية بالأساس، وهي إشكالية السيادة. وفقاً للمقترح سيكون لهذا المشروع وضعية خاصة خارج القوانين المعتادة، “متجاوزة ما هو شرعي أو قانوني”، على حد تعبيره.

هذا بالقطع مفهوم في الجانب السعودي، فالأمير الشاب يعتزم إنشاء مدينة عالمية تنافس دبي تقدماً وانفتاحاً، وهو ما يستحيل حدوثه في ظل الضوابط الشرعية الحاكمة للمملكة، فكان الحل هو إنشاء تلك الوضعية “القانونية” الخاصة جداً.

لكن على الجانب الآخر هذا يعني أن حكومتي القاهرة وعمان لن يكون لهما فعلياً سيطرة على تلك الأرض، فالمتحكم والمسيطر سيكون الشركة المالكة وقوانينها الجديدة. “وهو ما تقبلته القاهرة بسهولة ورفضته عمان”، على حد تعبير المصدر الدبلوماسي.
فالملك عبد الله لا يريد أن تمر البلاد تحت حكمه بـ”أيلول أسود جديد”، وتجرى الآن تفاهمات مع الجانب الأردني للوصول لنقطة وسط.

دور “إسرائيل” في المشروع

ووفقا لـ”هاف بوست”، فإنه طبقا لما هو مذكور على موقع مؤسسة “مشاريع السعودية”، والتي تعرف نفسها بأنها المنصة الوحيدة المتخصصة في نشر أخبار ومعلومات المشاريع السعودية والبرامج التنموية في كافة القطاعات، فإن كلاوس كلاينفيلد الرئيس السابق لشركة سيمنس سيتولى إدارة المشروع.

ولكلاينفيلد تاريخ طويل من النجاحات لا يمكن إغفالها سواء في مجال الصناعة والاتصالات.

وفي مؤتمر “مبادرة مستقبل الاستثمار” في السعودية حضر كثير من رجال المال والبنوك، ومنهم من اعتلى المنصة بجوار بن سلمان مثل ماسايوشي سون، رئيس مجموعة سوفت بنك اليابان، الذي أحرج ولي العهد حين قال إن NEOM تعني أننا “سنصنع مكة جديدة”، قبل أن يتدارك الأمر بن سلمان قائلاً هو لا يقصد سوى أنها ستكون نقاط جذب، وحرف الـ M هنا تعني المملكة وليس مكة.

لكن السؤال المحير حتى الآن هو “ما هو بيت الخبرة الذي سيتولى التخطيط والتنفيذ هنا؟”.

حتى الآن ذلك خبر غير معلن، والبعض يشير إلى أن إخفاءه لتجنب الإشارة لأي اسم إسرائيلي قد يسبب إحراجاً للجميع

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة.

آخر الأخبار