الأسباب التي تجعلنا نتردد في دعم موقف الرئيس عباس الحالي المقاطع للحوار مع امريكا والرافض لصفقة القرن؟

لندن”راي اليوم”:
هل الحل في تشكيل حكومة وحدة وطنية برئاسة سلام فياض؟ ولماذا لا يخرج الرئيس الفلسطيني عن صمته ويصارح الشعب بالحقائق بكل شجاعة؟ يطالبنا العديد من الفلسطينيين، ومن بينهم سياسيون، وكتاب، ومسؤولون سابقون، سواء بطريقة مباشرة او غير مباشرة، بدعم الرئيس محمود عباس، وتعزيز موقفه الرافض لأي حوار مع الولايات المتحدة والمسؤولين فيها، حول “صفقة القرن” منذ اعترافها بالقدس المحتلة عاصمة لليهود ونقل سفارتها اليها.
لا نجادل مطلقا في ان موقف الرئيس عباس هذا وصموده في وجه الضغوط الإقليمية والأمريكية الهائلة، يحتم مثل هذا الدعم، ولكن المشكلة الأساسية تكمن في ان الرئيس الفلسطيني، يكتفى بالتمترس خلف هذا الموقف، ولم يقدم على اي خطوات عملية تدعمه وتوحد الساحة الفلسطينية خلفه، من خلال توسيع دائرة المشاركة في عملية اتخاذ القرار، والتراجع عن معظم السياسات التي أدت الى انحدار القضية الفلسطينية، وانفضاض نسبة كبيرة من المجتمع العربي والدولي عنها، وتشجيع الإدارة الجديدة على وضع خطة “صفقة القرن” التي تعني تصفية القضية الفلسطينية وتكريس الانقسام الحالي، والتواطؤ الرسمي العربي معها.
كانت هناك فرصة ذهبية امام الرئيس عباس لعقد مجلس وطني توحيدي على أساس برنامج عملي جدي واضح، ابرز عناصره الغاء كل الإجراءات والمواقف التي انبثقت عن اتفاقات أوسلو، وسحب الاعتراف بالدولة الإسرائيلية، وإلغاء التنسيق الأمني المعيب، والتمسك بالثوابت الوطنية الفلسطينية وعلى رأسها حق العودة كاملا، وقيام الدولة المستقلة وعاصمتها القدس، ولكنه أضاع هذه الفرصة، وعقد مجلس وطني لأنصاره ومريديه وأعضاء حركته فقط، انبثق عنه مجلس مركزي ولجنة تنفيذية للمنظمة بالمواصفات والمقاييس التي وضعها، الامر الذي يشكل اقصاء للشعب الفلسطيني وقواه الحية، وتقليصا لمنظمة التحرير الفلسطينية ودورها ومؤسساتها، كممثل لهذا الشعب. ما يتردد في الصحف العبرية هذه الأيام من تسريبات حول رفض الرئيس عباس دعوة من جاريد كوشنر صهر الرئيس ترامب، والمهندس الحقيقي لصفقة القرن، والتلميذ النجيب لبنيامين نتنياهو، للمشاركة في “قمة سلام” تشارك فيها دول عربية الى جانب إسرائيل طبعا، موقف يستحق التنويه، لان هذا المؤتمر في حال انعقاده، سيكون مظلة لـ”شرعنة” “صفقة القرن” والاعتراف بها، ومعظم بنودها، وعلى رأسها الغاء حق العودة، والتنازل عن القدس وقيام كيان هلامي بلا حدود، ولا سيادة، عاصمته ابو ديس وبقاء المستوطنات كتسوية نهائية للقضية الفلسطينية.

السؤال الذي يتردد على السنة معظم الفلسطينيين في الوطن والمهجر هو عن أسباب هذا الصمت الذي يلتزم به الرئيس عباس، وعدم مصارحته للشعب الفلسطيني بما لديه من معلومات خطيرة، خاصة تلك الضغوط التي تعرض لها في الرياض من قبل الأمير محمد بن سلمان، ولي العهد السعودي، ومن مسؤولين آخرين، وتعبئة الشعب الفلسطيني بالتالي، لمعارضة هذه الصفقة.

المرحلة الحالية لا تتطلب تشكيل حكومة وحدة وطنية برئاسة الدكتور سلام فياض، مثلما يتردد حاليا في أروقة السلطة في رام الله، وانما تأسيس جبهة مقاومة وطنية لمواجهة “صفقة القرن” والمتواطئين معها من العرب دون أي مواربة، وحل السلطة الفلسطينية اذا تطلب الامر، والعودة الى المربع الأول لمقاومة الاحتلال.

عندما يتبنى الرئيس عباس هذا النهج، ويتراجع عن السياسات التي أوصلت القضية الفلسطينية الى هذا الوضع الكارثي، ويعترف بوجود شعب فلسطيني، وقوى حية، ورأي آخر، مثلما يعترف بفشل كل الرهانات على أوسلو وما تفرع عنها من مفاوضات عبثية، سيجدنا والغالبية الساحقة من الشعب الفلسطيني الى جانبه، ومن المؤلم انه لا توجد لدينا أي مؤشرات، حتى كتابة هذه السطور، انه سيفعل ذلك.

“راي اليوم”

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة.

آخر الأخبار