فلسطينيون يقفون على أبواب مخيم اليرموك أملا بالعودة..ستعود بسمات الاحياء الشعبية التي يرتاح فيها الناس للبساطة وعلاقات الجوار بما فيها من مودة.

شهيدي عجيب
دمشق-سانا: تكشف الأبنية الطابقية في واجهة حي مخيم اليرموك بما بقيت تحتفظ به من “قارمات” لأسماء أطباء وصيادلة ومحامين ومحال تجارية عن حجم الحياة الزاخرة بالنشاط التي كانت تشهدها هذه المنطقة السكنية قبل أن يعبث بها الإرهاب وتتحول في السنوات الثلاث الأخيرة الى معقل لإرهابيي “داعش” و”جبهة النصرة” المدرجين على لائحة الإرهاب الدولية.

خروج إرهابيي “جبهة النصرة” باتجاه شمال البلاد ضمن اتفاق تم التوصل اليه يقضى بتحرير المحاصرين في بلدتي كفريا والفوعة في إدلب ومختطفي قرية اشتبرق جذب العديد من الفلسطينيين المهجرين من بيوتهم إلى مدخل المخيم بجوار دوار البطيخة ليشهدوا لحظات تحرير المخيم من الإرهاب مع توقد شعلة الأمل بالعودة مجددا إلى فلسطين الصغرى في سورية.

برفقة ابنها أيهم “ست سنوات” مستعينة بعكاز قدمت مريم محمد فضل الى مدخل المخيم الى جانب العديد من الفلسطينيين الذين يرون بالمخيم وجه فلسطين يتظللون به الى حين العودة إلى أرضها.

18 سنة قضتها مريم بالمخيم كبرت وعاشت وتزوجت وانتقلت بعد زواجها الى حي التقدم كما تقول لمراسلة سانا مشيرة إلى معاناة الاسرة بعد دخول الارهابيين الى المخيم: “توفيت أمي داخل المخيم وأختي اختفت وابنها استشهد” لتتابع وهي تقف بشكل مائل مستندة الى عكاز وتشير الى ساقها اليمنى المضمدة والملفوفة بالشاش قائلة: ” أصبت بشظيتين” إثر اعتداء إرهابي بقذيفة هاون سقطت حيث اسكن في مبنى مجاور مقابل مدخل المخيم.

بلهفة تترقب مريم خروج الإرهابيين.. تتحدث وعينها على مدخل شارع راما حيث تدخل وتخرج الحافلات التي تقل الارهابيين وعائلاتهم..” كان لدينا مشغل خياطة وعمال.. نخيط عباءات مطرزة مشكوكة بالخرز واثواب عرائس”.

وعن الحياة بالمخيم ولم تحبه… تجيب.. “ما كنا نعرف ليلنا من نهارنا.. شعب طيب فيه الخير.. عشنا اياما حلوة.. تكفي ريحة المخيم”.

وفي حال كان بيتها مدمرا تضحك مريم قبل ان تقول: “الله يعوضنا المهم الصحة بخير.. ألف بيت بينفتح النا” وبلهجة فلسطينية تضيف.. “احنا كلنا ايد واحدة وحنرجع المخيم زي ما كان المهم نخلص من الارهابيين .. المخيم وتراب سورية افضل من بلدان الارض كلها”.

ليس للمخيم من اسمه شيء اذ كان منطقة سكنية تضج بالحياة يجمع الفلسطينيين والسوريين وآخرين من جنسيات عربية.. تحول مع السنين الى منطقة تجارية واسواق قاربت بجذب المتسوقين اليها اسواق دمشق مع احتفاظه بسمات الاحياء الشعبية التي يرتاح فيها أغلب الناس للبساطة وعلاقات الجوار بما فيها من مودة حياة اجتماعية.

محمود الكبرا من صفد بفلسطين هكذا يعرف ابو خالد عن نفسه واقفا تحت الشمس لساعات في انتظار لحظة يشهد فيها خروج الارهابيين من المخيم الذي تعلق به صغيرا كما يقول: “بحب المخيم من طفولتي.. اهليتي واعمامي كلهم كانوا بالمخيم.. كان عمري عشر سنوات عندما كنت اتي من ركن الدين لزيارتهم وعندما كبرت أقمت فيه مع اسرتي واولادي الثلاثة وزوجتي في حارة المغاربة قبل عشرين سنة”.

اضطر أبو خالد لترك المخيم بعد انتشار الإرهابيين فيه تاركا بيته ومكتب سيارات في شارع الثلاثين ولديه الرغبة بالعودة مجددا ” منعمروا من جديد لأنه عاصمة الشتات للفلسطينيين ومتولعين فيه بشكل كبير .. المخيم جميل وخاصة برمضان جو ألفة واهل وجيراني حتى الآن بتواصل معهم”.

لم يغادر أبو خالد سورية رغم ما وجه له من دعوات “اخواتي مقيمون بأمريكا.. قبل الحرب حاولوا يقنعوني بالسفر لكن بحب سورية.. فضلت ارجع لبيت العائلة بحي ركن الدين على الهجرة إلى أوربا أو أمريكا وان شاء الله بيرجع المخيم ومنرجع نعمروا”.

محمود ابراهيم دبدوب استشهد اثنان من أبنائه خلال قتالهما الإرهابيين في المخيم كان آخر الفارين قبل أربع سنوات تاركا بيته في جادة بئر السبع حي العروبة يتذكر كيف قدم إلى المخيم قبل 57 عاما عندما كان طفلا سبع سنوات يقول بحماس: “مشتاقون للرجعة لو في دمار ننصب خيمة ومنعيش .. تربينا وعشنا بالمخيم.. هو رمزنا” .

ويضيف أبو الشهيدين الذي كان يعمل نجار باطون مع أخيه: “معمر نصف بيوت المخيم مستعد للدخول فورا” تغرورق عيناه بالدموع.. “أتمنى عندما ادخل أن أرى ولادي عايشين ويرجعوا الجيران ونستعيد حياتنا الحلوة”.

مخيم اليرموك الذي أنشىء عام 1957 على أرض سورية التي فتحت ذراعيها أمام الشعب الفلسطيني واحتضنته بكامل حقوقه يتجاوز المكان والزمان بتحوله إلى رمز للفلسطينيين بالشتات حملوا راية العودة وإن طالت بهم سنون الغربة إلى أرضهم فلسطين.

 

 

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة.

آخر الأخبار