ست وخمسون عاما كاملة مرت على إنشاء منظمة التحرير الفلسطينية.
منظمة التحرير نشأت بقرار وطني وقومي من الشقيري وجمال عبد الناصر تبنته الجامعة العربية. قرار النشأة كان وطنيا فلسطينيا وعربيا وهدف بحسب المحللين المختصين إلى تحقيق أمرين:
الأول: فلسطينيا. من أجل العمل الفلسطيني الفدائي الشعبي وتشكيل ممثل وكيانية للفلسطينيين، الذي انبثق قويا وجادا في أول الستينيات . والثاني: عربيا هو توجيه منظمة التحرير بما يتفق مع السياسة العربية الرسمية للدول العربية، وهي سياسة لم تكن تعمل للتحرير، ولا تخطط له، وتسير باتجاه إما المشاغلة والضغط أو التعايش مع الأمر الواقع بوجود ( إسرائيل) في المنطقة.
هذه النشأة كما تحكيها حقائق التاريخ، ويحكيها الواقع، قد ترأسها بداية القائد أحمد الشقيري، الذي عاش هزيمة ١٩٦٧م قائدا للمنظمة، ثمّ تولى قيادتها ياسر عرفات. ثم تولى قيادتها محمود عباس. هذه الفترة استغرقت (٥٦) عاما. وقبل يومين احتفل أعضاء اللجنة التنفيذية برئاسة عباس بذكرى النشأة. اللجنة التنفيذية احتفلت بلقاء رسمي داخل قاعة مغلقة، ولكن الشعب لم يحتفل بالذكرى، وربما لم يسمع بيوم الذكرى هذه الأيام ؟!
لماذا تذكر أعضاء التنفيذية يوم الذكرى ولم يتذكره الشعب؟! لماذا لم تشهد المدن الفلسطينية، وتجمعات الفلسطينيين في الشتات احتفالات بذكرى نشأة المنظمة؟!
الجواب عن هذا يكمن في قراءة مخرجات منظمة التحرير. فإذا قمت بجريدة إحصائية لأعمال منظمة التحرير الكبرى على مستوى قضية تحرير فلسطين، باعتبار أن المنظمة نشأت لتحقيق هذا الهدف الكبير، تجد أن مخرجات هذه الأعوام الطويلة مخيبة للأمال.
خذ المنظمة من جانب الهدف الكبير، أعني تحرير فلسطين، تجد أنها تخلت عن التحرير، واعترفت بحق تواجد ( إسرائيل) على 78% من أراضي فلسطين؟! وبالتالى لغت هدف التحرير، الذي عنون لاسمها المعروف منظمة تحرير فلسطينpLO. وخذ القضية من زاوية وسيلة التحرير وألياته، تجد المنظمة بدأت بالكفاح المسلح خيارا وحيدا، وشعارها ما أخذ بالقوة لا يسترد إلا بالقوة، وانتهت بعد هذه الأعوام الطويلة، إلى تجريم المقاومة، وقمعها، وتحريم الكفاح المسلح، ووصف صواريخ المقاومة بالعبثية، و انخراطها مع (أميركا وإسرائيل) في مقاومة الإرهاب، حيث تضع ( إسرائيل وأميركا) مقاومة حماس والفصائل الأخرى ضمن دائرة الإرهاب؟!
خذ أيضا المنظمة من زاوية الأمن، والتخابر مع العدو، حيث بدأت المنظمة حياتها بتحريم التخابر والتعاون الأمني مع العدو، وحكمت على من يقوم بهذا الأعمال بالإعدام، ونفذت أحكامها هذه في عدد من المواطنين في السبعينيات ، ثم انتهت هي إلى تشريع التعاون الأمني والتخابر مع العدو، وجعلته حلالا ومقدسا، وأخضعته لمفاهيم كانت ترفضها هي عند النشأة؟!
جردة الحساب التي تقوم على تقليب زوايا النظر زمن النشأة، وحتى زمن منظمة التحرير بعد أوسلو وحتى تاريخه، أمر يطول ويطول، وهو ليس لنا هنا بغرض، ويكفينا أن ننهي مقالنا هذا بقولنا إن اعضاء اللجنة التنفيذية الذين اجتمعوا في هذه الأيام وأصدروا بيانا وطنيا بليغا فشلوا في اتخاذخطوات جادة لقيادةالشعب، وجمع الفصائل في الضفة لم تقم باية خطوات عمليةلمواجهة إجراءات ضم الأغوار والمستوطنات، واكتفوا بإجراءت إعلامية، إعلانية هي تكرير لما كان يوم نقل سفارة أميركا إلى القدس؟!.
كل شيء في منظمة تحرير فلسطين تغير عن النشأة إلى الأسوأ، إلا شيء واحد لم يتغير وظلت اللجنة التنفيذية ورئاستها تعض عليه بأنيابها وهو : تمثيلها الوحيد للشعب الفلسطيني، قائلة خلف كل بيان واجتماع: إن المنظمة هي الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني؟!
فهل بات التمثيل الوحداني هو البديل عن التحرير؟! ما فائدة الثمثيل إذا لم يكن ثمة تحرير، أو ثمة إرادة لمقاومة ضم الأغوار ومستعمرات الضفة؟! وقديما قالوا الفشل لا يمثل أحدا، والفاشل لا يمثل إلا نفسه؟!.
هذا ألم يتغلغل خلايانا للأسف، مع كل الاحترام للشهداء والأسرى والجرحى، وقادة المنظمة التاريخيين، الذين صانوا مقاعدهم الوطنية بدمائهم. رحم الله شهداء فلسطين .
كاتب من الأرض المحتلة
حديث في الذكرى 56 لتأسيس منظمة التحرير الفلسطينية
رامز مصطفى
بيروت-الثبات: تأسست منظمة التحرير بقرار رسمي عربي من جامعة الدول العربية في كانون الثاني عام 1964، والذي لم يكن بريئاً على الإطلاق، وهذا ما أثببته الوقائع التاريخية. وقد عُقِدّ الاجتماع الأول للمنظمة في 28 أيار عام 1964، بحضور 422 شخصية فلسطينية بارزة، الذين انتخبوا الراحل الكبير المناضل أحمد الشقيري كأول رئيس للمنظمة، الذي جهد وناضل من أجل حماية المنظمة من الصراعات والتجاذبات بين الدول العربية، على عكس ما اتهم به من قبل خصومه في الساحة الفلسطينية، بأن المنظمة تأتمر بالأنظمة التي شكلتها، بحيث تمت الإطاحة بالشقيري. وهنا يبرز السؤال الهام، هل من اتهموا الشقيري والمنظمة آنذاك بالولاء للأنظمة، قد تمكنوا بعد أن أطاحوا بالشقيري، أن يحموا المنظمة وينأوون بها عن ضغوطات النظام الرسمي العربي؟، وهل حققوا استقلالية المنظمة، عبر شعار القرار الوطني المستقل، اللذي أوصلنا لكارثة الكوارث، وخطيئة الخطايا اتفاقات “أوسلو”؟ .
بعد 56 عاماً على تأسيس المنظمة، فإن أخطر ما طبع سياق نضالها السياسي الطويل، تلك التقلبات والتراجعات التي شهدتها، فكانت موضع وصراع سياسي بين مكوناتها. والتي طالت برنامجها ورؤيتها السياسية، خلال كل المراحل التي مرت بها المنظمة، والذي تمثل بداية في تبّني منظمةُ التّحرير ما سمي ب” البرنامج المرحليّ ” برنامج النقاط العشر في العام 1974، الأمر الذي شرعّ الأبواب، أولاً، أمام الاعتراف العربي الرسمي في قمة الرباط بأن المنظمة ممثل شرعي وحيد لشعب الفلسطيني. ثانياً، وافقت الجمعية العامة للأمم المتحدة بغالبية 105 دول على حضور المنظمة للجلسات المتعلقة بالقضية الفلسطينية. مروراً بالموافقة على مبادرة الملك فهد في قمة فاس الثانية في أيلول 1982، والتي جاءت بعد خروج المنظمة والمقاومة الفلسطينية من بيروت، كنتيجة للاجتياح الصهيوني للبنان . ومن ثم ليأتي إعلان وثيقة الاستقلال العام 1988 في الجزائر ، ليشكل المنعطف السياسي الأكثر وضوحاً في جنوح المنظمة نحو الانفتاح والقبول بالتسوية. من خلال فقرتين كانتا شديدة الوضوح في سياق التسوية، الأولى، عندما أعلن أن الدولة العتيدة تؤمن بتسوية المشاكل الدولية والاقليمية بالوسائل السليمة ، واستناداً إلى ميثاق الامم المتحدة وقراراتها , ورفضها لممارسة العنف , والتهديد بالقوة ضد سلامة اراضيها , أو سلامة أراضي أية دولة أخرى ، والمقصود الكيان الصهيوني . والثانية ، اعتبار قرار التقسيم رقم 181 والصادر في تشرين الثاني 1947، لا زال يوفر الضمانة في إقرار حق الشعب الفلسطيني في االسيادة والاستقلال وإقامة دولته . التي وبعد مضي 32 عاماً على إعلان وثيقة الاستقلال، و 27 عاماً على اتفاقات ” أوسلو ” ها هي الدولة لا تزال بعيدة التحقق .
انخراط منظمة التحرير في مؤتمر مدريد عام 1991 وفق قراري مجلس الأمن 242 و 338 ، اللذان اعترفت بهما المنظمة ، وإن كان من ضمن وفد أردني ، استجابة لشروط الكيان الذي رفض آنذاك الاعتراف بالمنظمة ممثلاً للشعب الفلسطيني . إنما جاء تعبيراً صارخاً عن التزام أصحاب رؤية حل القضية الفلسطينية وإيجاد حل للصراع مع العدو عبر التسوية السياسية . الذي خلُصت بنتيجتها إلى اتفاقات ” أوسلو ” ، في احتفالية كرنفالية في حديقة البيت الأبيض بحضور الرئيس الأمريكي بيل كلينتون ، وحضور الراحل ياسر عرفات وإلى جانبه رئيس السلطة السيد محمود عباس . وكذلك رئيس حكومة كيان الاحتلال اسحاق رابين وإلى جانبه وزير خارجيته شمعون بيريز . هذا الاتفاق كما المسمار الذي دُقّ في نعش القضية وعناوينها الوطنية ، بعد أن اعترفت منظمة التحرير بالكيان ، وتنازلت عن 78 بالمائة عن أرض فلسطين التاريخية ، مقابل حكم إداري ذاتي ، يتحدث عنه أصحابه بأنه فاقد لكل شيء بعد أعادت قوات الكيان الصهيوني احتلال كامل الضفة الغربية .
بعد مرور 56 عاماً على تأسيس المنظمة ، وبكل هدوء ، السؤال المطروح من قبل طيف من الفصائل المشاركة بالمنظمة قبل غيرهم ، أين هي المنظمة اليوم ؟ ، وحتى لا نقول أنها تتلاشى ، فقد بهُتّ دورها وحضورها ، وتحولت إلى يافطة يتم استحضارها لزوم الشيء ومقتضاه . بعد أن تحولت السلطة ووزاراتها وإداراتها إلى مرجعية ، على عكس ما يتوجب أن يكون عليه الوضع ، بمعنى أن المنظمة هي المرجعية الوطنية لكل المؤسسات ، بما فيها السلطة . وهذا مرده ليس فقط لخلل في البرنامج السياسي ، إنما مرده لتداخل الصلاحيات والأزمات البنيوية والتنظيمية التي تعاني منها المنظمة منذ ما قبل اتفاقات ” أوسلو ” ، فكيف هي الحال الآن ؟ .
قد يذهب البعض إلى القول إنّ انتقاد المنظمة وبرنامجها السياسي وأدائها التنظيمي ، هو محاولة تهدف إلى إضعافها ، أو النيل من مكانتها وصفتها التمثيلية . بتقديري هذا اتهام متجني ولا مبرر له ، طالما أنّ المنظمة هي ممثلة للشعب الفلسطيني ، فهي بهذا المعنى ليست لفئة من شعبنا دون أخرى ، وهذا حق حفظه إقرار المنظمة بأن كل فلسطيني هو عضواً فيها ، وإن اختلف معها على برنامجها ورؤيتها السياسية الملتزمة باتفاقات ” أوسلو 1 و 2 ” ، وشطب 12 مادة ، وتعديل 16 مادة من مواد ميثاقها الوطني بمواده لاثلاثين في العام 1996 ، بحضور الرئيس الأمريكي آنذاك بيل كلينتون .
وإذا كان دفاع المدافعين يصح ، فأيضاً اعتراض المنتقدين مشروع ، من خلفية أن التمسك بالمنظمة أو التخلي عنها أساسه وجذره برنامجها ومشروعها السياسي ، الذي يلبي ويستجيب لتطلعات وأماني شعبنا ، ويتمسك بخياراته في مقاومة كيان الاحتلال الذي يُهود القدس عاصمة الشعب الفلسطيني ، ويصادر الأراضي الفلسطينية زارعاً المستوطنات والمستوطنين فوقها ، ويعتقل الآلاف من أسرانا ، ويقتل أبنائنا ، ويحاصر قطاع غزة ليبقي ما يزيد 2 ونص مليون من أهله تحت رحمته . فالمنظمة التي اتفقت الفصائل بما فيها حمس والجهاد قبل 17 عاماً على تطويرها وتفعيلها ، لم يتم التقدم في اتجاه تنفيذه خطوة واحدة ، على الرغم من التحديات التي تواجه القضية وعناوينها الوطنية .
غزة- يحيى اليعقوبي قال رئيس المؤتمر الشعبي لفلسطينيي الخارج أنيس القاسم: إن رئيس السلطة محمود عباس يحاول من خلف الكواليس العودة إلى طاولة المفاوضات رغم التصريحات التي أعلنها بالانفكاك عن الاحتلال. وشدد على ضرورة إعادة انتخاب مجلس وطني جديد يطيح بالقيادة الحالية ويؤسس لمرحلة جديدة، بأدوات مقاومة لا حصر لها، عادًا إعلان تنفيذية المنظمة الانفكاك عن الاحتلال إعلان فشل لمسار التسوية الذي مضى عليه 27 عامًا ودار في نفس النقطة دون نتيجة. مرحلة خطرة وأضاف القاسم في حوار خاص مع صحيفة “فلسطين” في الذكرى الـ 56 لتأسيس منظمة التحرير التي تأتي في واحدة من أصعب وأخطر المراحل والظروف على القضية والشعب الفلسطيني: إن المنظمة تعيش الآن مرحلة خطرة جدًّا، لأن القيادة السياسية سحبت من رصيدها، وأعطت هذا الرصيد لمخلوق مصطنع، اسمه السلطة الفلسطينية”. وتابع أن القيادة الفلسطينية كانت تظن بـ”خداع ذاتي” أن السلطة هي نواة الدولة، وكأنها لم تقرأ تاريخ المفاوضات بين رئيس حكومة الاحتلال “مناحم بيجن” والرئيس المصري أنور السادات، حيث أقر بيجن أنه لن يكون للفلسطينيين دولة، بين النهر والبحر، وهي سياسة صهيونية ثابتة في التاريخ الإسرائيلي. وحول إعلان تنفيذية المنظمة انفكاكها عن (إسرائيل) وإلغاء الاتفاقيات مع الحكومتين الإسرائيلية والأمريكية، ومدى جدية التطبيق، قال القاسم: تستطيع المنظمة نظريًّا الانفكاك من قيود “أوسلو”، لكن الطريقة التي اتبعتها القيادة الحالية، حين أعلنت أن المنظمة والسلطة في حل من اتفاق أوسلو، تدل على عدم جدية ذلك. وأوضح أن الانفكاك من أوسلو ليس بالسهولة التي “تحزم أغراضك في حقيبة سفر وتمشي”، معتقدا أن قيادة السلطة ليست جادة في ذلك ولم ترتب أو تتخذ خطوات تثبت فيها استعدادها لمرحلة ما بعد أوسلو. وأضاف القاسم: “من ينظر إلى الوضع القائم الآن يرى أن السلطة تراوح مكانها وكأن شيئًا لم يحدث، والحكومة ما زالت في مكانها وكذلك الرئاسة والأجهزة الأمنية، ولا نعلم إذا كانت الأجهزة الأمنية، قد تم إعادة هيكلتها أم لا”. وأوضح أن إعلان السلطة التحلل من أوسلو يستوجب منها إعادة هيكلة الأجهزة الأمنية لأن كل “أوسلو” كانت عبارة عن تنسيق أمني، متسائلا: أين ذهبت الأجهزة الأمنية؟ وأين هي ومن الذي يسيطر عليها؟ وهي تم تدريبها وتثقيفها وبناء عقيدتها من قبل الجنرال الأمريكي “دايتون” بالتنسيق مع جهاز “الموساد” الإسرائيلي “لذلك يجب أن نعلم بالتفصيل مصير أجهزة أمن السلطة؟”. خداع ذاتي ولفت القاسم إلى أن القيادة الفلسطينية تاريخيًا تمارس “الخداع الذاتي”، وكأن الاحتلال ضم الأغوار والمستوطنات في بداية الشهر يوليو/ تموز القادم، ولم يسرق الأغوار ولم يسرق حوض المياه الشرقي ولم يمارس التطهير العرقي من الأغوار، مشيرًا إلى أن (300) ألف فلسطيني كانوا يسكنون الأغوار إبان حزيران 1967 بينما عددهم الآن (60) ألفًا، وللاحتلال فيها (31) مستوطنة، متهكمًا بالقول: “وكأننا لم نكن نعلم أن (إسرائيل) تمارس كل هذه الموبقات وكنا نصمت”. وحول الإعلان الإسرائيلي المزمع للضم، أشار رئيس المؤتمر الشعبي لفلسطينيي الخارج إلى أن مثل كل التصرفات الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية تبدأ بالتوسع الواقعي وبعد أن يعتاد الرأي العام عليه، يقومون بالإعلان القانوني عنه. واستشهد بما حدث بعد هزيمة حزيران 1967م حين قام الاحتلال بتوسعة حدود بلدية الاحتلال في القدس المحتلة، حيث لم تعلن سلطات الاحتلال في حينه عن حدود بلدية القدس الاحتلالية إلى أن أصبحت أوسع وبنوا طرقًا وأصبحت المنطقة الجديدة من القدس جزءًا من دولة الاحتلال التي أعلنت في العام 1980 القدس عاصمة للشعب اليهودي. وعلق القاسم على ذلك: “هذا نموذج لما تقوم به دولة الاحتلال حاليا من عمليات ضم وتوسع فعلي، ثم يأتي التوسع والإعلان القانوني”. ويأتي إعلان اللجنة التنفيذية التحلل من الاتفاقيات مع سلطات الاحتلال ردًا على مخطط الأخيرة ضمّ أكثر من (130) مستوطنة في الضفة الغربية المحتلة وغور الأردن الذي يمتد بين بحيرة طبريا والبحر الميت، مطلع يوليو/ تموز المقبل. وحول مستقبل السلطة، يعتقد القاسم أنها تواجه مستقبلًا مظلِمًا لأنها تخلت عن الثوابت الفلسطينية وباعت نفسها بالتالي إذا لم تعد السلطة لإعادة هيكلة منظمة التحرير وإعادة تشكيل مجلس وطني جديد، بانتخابات حرة، سترتكب “حماقة كبرى” بمستقبل القضية الفلسطينية. ورد على سؤال “فلسطين” إن كان الصراع سيعود لبداياته؟ استبعد ذلك في ظل القيادة الحالية، كونها “أفلست إفلاسا كاملًا، لا يمكن الركون عليها لإنقاذ العملية السياسية للشعب الفلسطيني”.
جنرالٌ إسرائيليٌّ: ردّ الشارِع الفلسطينيّ على الضمّ قد يقود ل إ ن ت فا ض ة مسلّحةٍ والسلطة ليست مهتمةً بكسر الأدوات مع “إسرائيل” وتهديداتها تعكِس ضائقةً إستراتيجيّةً
الناصرة – “رأي اليوم” – من زهير أندراوس:
رأى جنرال إسرائيلي أنّ أزمة كورونا ومشروع الضمّ الإسرائيلي يقدمان وصفة جاهزة للتصعيد الأمني في الضفة الغربية، ما قد يشعل الشارع الفلسطيني، وأضاف ميخائيل ميليشتاين في مقالٍ نشره بصحيفة (يديعوت أحرونوت) العبريّة أنّ الأوضاع السائدة اليوم بالضفة العربيّة تُعيد للأذهان ما حدث صيف 2014 في غزة، حين اندلعت معركة شرسة بين إسرائيل وحماس، دون أنْ يكون أيٍّ منهما راغبًا بها، أوْ مستعدًا لها، لكن عملية (الجرف الصامد)، أوضح، تطورت نتيجة مزيج من قلة قنوات الحوار، وسوء تقدير الجانبين، في ظل أزمة اقتصادية حادة في غزة، ما زاد من مخاوف حماس من تقويض حكمها.
واستدرك الرئيس السابق للشعبة الفلسطينية بجهاز الاستخبارات العسكرية (أمان)، والمستشار السابق للشؤون الفلسطينية بمكتب المنسق الإسرائيليّ بوزارة الأمن، استدرك قائلاً إنّ وضع الضفة في 2020 يختلف عن وضع غزة في 2014، وتتناقض أسباب الهدوء النسبي الذي شهده العقد الماضي بالضفة، مع الهشاشة التي تميز الوضع الأمني في غزة، لكن تطورات الضفة في الأشهر الأخيرة، وأبرزها وقف التنسيق مع إسرائيل قد يؤدي للتدهور، على حدّ تعبيره.
ولفت ميليشتاين، رئيس منتدى الدراسات الفلسطينية بمركز موشيه دايان للدراسات الإستراتيجيّة في جامعة تل أبيب، لفت إلى أنّ السلطة الفلسطينيّة ليست مهتمة بكسر الأدوات مع إسرائيل، ولا تزال حريصة على عدم فقدان أصولها الحكومية والاقتصادية نتيجة لتصعيد واسع النطاق، وتعكس التهديدات المتزايدة ضائقة إستراتيجية تعيشها، وتهدف لتعزيز الضغط الدولي على إسرائيل لمنع التغيير الأحادي للواقع بضم أراضي الضفة الغربية، طبقًا لأقواله.
وأكّد الجنرال الإسرائيليّ في الاحتياط أنّ التهديد الرئيسي في الوضع الجديد لا يتجسد بخطط السلطة، بل في الطريقة التي سيرد بها الشارع الفلسطيني، الأكثر حضورًا اليوم ممّا كان عليه في السابق، وهذا يعني أنّه أصبح تحديًا حقيقيًا، والسلطة ستجد صعوبة في دعم وعدها لإسرائيل بأنّ وقف التنسيق لن يصاحبه موجة من التصعيد، كما قال.
وأوضح أنّه بعد عقد امتنع فيه الجمهور الفلسطيني عن الانضمام لصراعات عنيفة، وركز أفراده على حياتهم الشخصية، فقد تؤثر التغييرات الجذرية على سلوكه، وعقب الانكماش الاقتصادي الشديد بعد أزمة كورونا، واتساع دائرة البطالة والفقر وانهيار الأعمال، يمكن القول إنّ الاستقرار الاقتصادي شكّل عائقًا رئيسيًا أمام الانتفاضة الثالثة.
وتابع قائلاً إنّ هناك تهديدًا آخر يتمثل بخطأ تفسير موقف عباس بوقف التنسيق الأمني مع إسرائيل، على أنه ضوء أخضر لتعزيز العنف ضدها، في أحسن الأحوال، سيحدث احتكاك لفظي بين قوات الأمن الفلسطينية والإسرائيلية، وفي أسوأ الأحوال، وأكثرها خطورة، قد يتشجع الفلسطينيون لشنّ هجمات مسلحة ضد إسرائيل، ودون تخطيط أوْ إرادة القيادة الفلسطينية، قد تنشب مواجهة عنيفة، كما أكّد.
وأوضح أنّه بالإضافة إلى ذلك، وبالنظر لتعطل قنوات الحوار والتنسيق التي تشكل استقرارًا استراتيجيًا للضفة يزداد احتمال سوء التقدير، وتحويل نقاط الاحتكاك لتصعيد واسع النطاق، وطالما لم يتم تنفيذ إجراءات الضم العملية، فقد تكون إسرائيل قادرة على الحفاظ على بعض الاستقرار في الضفّة الغربيّة، بحسب رؤيته.
وأوصى الجنرال بأنْ تضمن إسرائيل الدعم المالي للسلطة، رغم الأزمة السياسية الحادة، والنظر في الوقف المؤقت للتدابير العقابية بشأن الأموال الممنوحة لعائلات الأسرى، والعودة الفورية للفلسطينيين للعمل في إسرائيل، وتشجيع جمع التبرعات الخارجية للفلسطينيين، وأنْ تحافظ قدر الإمكان على قنوات التنسيق عبر جميع المستويات مع السلطة، خاصةً الأمن والحوار على المستوى السياسي، وإن كان سرًا، كما قال.
وأكّد أنّ كل هذه تعتبر إشارات علنية للجمهور الفلسطيني بضرورة الحفاظ على نسيج حياته بالضفة الغربية، والتنسيق بشكل وثيق مع الجهات الدولية والإقليمية، خاصة مصر والأردن ودول الخليج، بشأن القضية الفلسطينية.
وخلُص الجنرال الإسرائيليّ إلى القول إنّ تنفيذ هذه التوصيات قد يمنح إسرائيل استقرارًا مؤقتًا لعدة أشهر بالضفة الغربية، ومع ذلك، وبمرور الوقت، ستنخفض فعالية جهود ضبط النفس، وقد تفقد تأثيرها مقابل سيناريو الضم العملي للأراضي، وفي هذه الحالة، قد تصعب الأنماط المنطقية والسلوكية للقيادة الفلسطينية والشارع تهدئة المنطقة باستخدام الأدوات المدنية فقط، على حدّ تعبيره.
البعث – أحمد علي هلال
غواية السرد عبر محكيات متفاوتة في شريطها اللغوي، يأخذنا القاص والأديب أنور رجا إلى فضاءات متخيله الذي يفيض كثافة، سواء على مستوى قوله القصصي المضبوط في مسافته وتوتره وحبكته وبنيته، والمقطر بشعريته، أو على مستوى ثيماته المتعددة في متون قصصه، إذ هي تجهر بالهاجس الإبداعي لتنفتح على تجربة العلاقة مع اللغة ومع مرجعيات الواقع الاجتماعي والفكري، تعضيداً لمنظومة من القيم الجمالية والإنسانية بآن معاً.
بدءاً من العنوان/ الغواية بسلطتها الحاكمة على النصوص تخييلاً وواقعاً ينتجه القاص بوصفه واقعاً جديداً يتعالق مع حكاياته المختارة، فغواية شهرزاد تعيد لنا الوقوف عند سلطة الحكاية عبر مونولوج الراوي والبحث عن حلم في تعويذات وقهقهات الزمن، وحراب عساكر تفتش في كلام عاشقين، شهرزاد بؤرة الحكايات ومرجعيتها الأثيرة، بحثاً عن ديمومتها «ألف عام وعام مرت وستمر ألف أخرى وشهريار وشهرزاد يتبارزان في ليل وفجر المدن»، إذن كيف يلتقط النص تلك الحكايات –الأثيرة- ليطيفها في لاوعي شخصياته، وبتقنيات محسوبة من التداعي والمونولوج والأنسنة والتجاوز، هكذا تتحرك قصصه القصيرة في مساراتها التخيلية والناهضة بمتونها الأكثر قدرة على استدعاء «القارئ في النص» تفيض بشعريتها العالية دون أن تخدش دينامية القول الروائي أو تشظيه بوساطة لغة ثرية: «امرأة تشعل النار بالماء لا هي حورية ولا جنية وليس فيها شيء من طبع النساء… أنام لأصحو من ضباب الحلم باحثاً عن المرأة في حكاية شهريار» (ص24/ غواية شهرزاد).
ولعل المرأة الحلم وتصاديات الطفولة والأم والمرأة الفكرة، هي ما تنهض بشواغل النصوص القصصية لغواية شهرزاد إذ إن الغواية ستبدو أكثر من وظيفة انتباهية تحررها أفعال التلقي لطبقات ومكونات النصوص القصصية، ليس وقوفاً فقط عند تلك التقنيات المحسوبة، بل ذهاباً إلى التنويع على الحكاية وأسطرتها، المرأة المحملة بحكايات وأساطير في مناخات من التوتر ومصاحبات المفارقة التي تكسر أفق التوقع «سميناها مئات الأسماء ثلاثة أشهر والأسماء تطير بينهما وحولهما، وفي غفلة منهما ومن شمس الصباح وقبل أن تناغي اسمها دكت الطائرات رأسها وعلى الأرض وفي السماء انتشرت حروف اسمها» (من نص ماذا نسميها/ ص141).
ولعل قصة أحلام فارس المهداة إلى روح الطفل الشهيد فارس عودة، ستنهض على متخيل الحكاية والتماهي الخلاق ما بين الواقع والخيال، ليعدد القاص مستويات هذه الحكاية ذهاباً إلى ما بعد الحكاية ليوحي بما لا تقوله اللغة، توليداً لتعبير مجازي يأخذ دلالاته الاحتمالية في مكونات نص مترابط محمول على إحالات داخلية تضيء مدلولات الحكاية الأصل/ المرجع، لتبقى مفتوحة على شتى التأويلات.
يبرع القاص أنور رجا في استدعاء المفارقة على مستوى اللحظة الحلمية، مفارقة زمكانية سنجد تعبيراتها في ما تشي به جملة من النصوص أدلها «موسيقى الأحذية، موهبة، سحابتان» على سبيل المثال لا الحصر، عبر الاستيهام وعبر ما يطيفه من خطاب الغواية، أي البحث عن «لعنة السر، رهبة الكلام، وعن مدن العطش الغارقة في الماء، عن جنيات الليالي المرصودة للغواية والجفاف».
غواية شهرزاد قوس قزح الحكايات والبطولة الجمعية والفردية، في نسيج كتابة مرآوية لا تحتفي بالواقع، بقدر ما تعيد إنتاجه بمتخيل من طفولة طليقة سنجد دالتها في نصه «حبة بوظة» حينما تساءل الطفل ذلك السؤال الفادح «لماذا يضعون أكياس الأموات في سيارة البوظة؟ كان جواب أمه: انتظر يا حبيبي حتى تفرغ شاحنات البوظة من حبات العين».
حكايات مترعة بالدهشة والانخطاف إلى زمن سرد صاف كما النصوص ذاتها، بتعاضد الحكاية والمفارقة والنهايات التي تستدعي تأويل القارئ، الذي ما ينفك متسائلاً عن أطياف السيرة الذاتية وقوس قزحها في المتون الحكائية وعلى مستويين مضمرين هما سيرة النص وسيرة الكاتب، والأدل سيرة الراوي الذي يؤلف بين هذه الحكايات، وما يشي أكثر باستدعاء اللغة كبطل إضافي في تأسيس محكياته/ مشهدياته، ما يعني أن النزوع إلى السرد هو غواية شهرزاد بامتياز، لكنها شهرزاد الحكاية بكل مرجعياتها ومواقع رؤيتها الناهضة في بنية قصصية أكثر قدرة على محايثة أفعال التغيير وترجمان الأحلام، وبذلك نقف على كون قصصي باذخ التنوع والحساسية لجهة القصة القصيرة الفلسطينية المعاصرة في حداثتها والتقاطها للحظة الحداثة، أي الأكثر انفتاحاً في رؤيتها وفي صوغها قولا قصصياً متماسكاً.
الصحافة الإسرائيلية:
والا العبري: على الرغم من إعلان وقف التنسيق الأمني : عقدت في الأيام الأخيرة لقاءات ومناقشات بين كبار المسؤولين الفلسطينيين مع مسؤولين من الجيش الإسرائيلي – مسؤولون في المؤسسة الأمنية قالوا لموقع والا إن اللقاء تمت بناء على طلب المسؤولين الفلسطينيين خوفاً من تصعيد أمني من شأنه تقويض سيطرة السلطة على الضفة،
وكشفت هيئة البث الإسرائيلية (“كان”) أن وزير الشؤون المدنية في الحكومة الفلسطينية حسين الشيخ التقى المنسق الإسرائيلي وأكد له في رسالة رسمية بأن السلطة الفلسطينية “لن تسمح بانتشار العنف في الضفة الغربية” المحتلة، حتى في ظل القرار بوقف التنسيق الأمني.
وأوضح المصدر لـ (“كان”) بأن الرسالة نقلت بواسطة حسين الشيخ ومسؤولين أمنيين فلسطينيين آخرين، لمنسق عمليات الحكومة الإسرائيلية في الأراضي المحتلة، كميل أبو ركن خلال اجتماع سري جمعهم ليلة إعلان الرئيس محمود التحلل من الاتفاقات مع “إسرائيل”.
وشدد الشيخ بأن قرار عباس الخاص بوقف التنسيق الأمني لا يعني بأن السلطة ستسمح بتنفيذ أي عمليات ضدّ إسرائيل مبيناً بأن السلطة غير معنية بـ “الفوضى والعنف ولن تسمح بخرق سيادة القانون على أراضيها، ولكن لن يكون له تأثير على الجوانب الإنسانية اليومية وستلزم بإعادة المستوطنين الذي يدخلون مناطق السلطة بالخطأ.
ونقلت تقارير صحافية عن جهات في المؤسسة الأمنية الإسرائيلية أمس، قولها إنه لم يطرأ أي تغيير على التنسيق الأمني مع السلطة الفلسطينية.
لا لترميم أوسلو..بقلم /الاب: مناويل مسلم.
سقطت..سقطت أوسلو..فلا ترمموها
ليس ما بعد أوسلو كما كان قبلها. الشعب الآن يطالب بإنهاء السلطة وحل المجلس الوطني المترهّل وإجراء انتخابات برلمانية في الوطن والشتات. وبعد ذلك تولد دولة فلسطين في المهجر وقد بقيت في رحم الجزائر حتى اليوم، يكون لها رئيس ودستور مقاومة. فلسطين وقعت تحت الحكم اليوناني 300 سنة وتحت الحكم الروماني 600 سنة وتحت الصليبيين 200 سنة وتحت العثمانيين 400 سنة وفي زماننا وقعت فلسطين تحت احتلال صهيوني. والله يعلم كم ستعاني المقاومة قبل دحره. نحن شعب وأرض تحت الإحتلال وكفى أن يستمر العالم في الضحك منّا بأن لنا سلطة بلا سلطة تحت الاحتلال ودولة رئيسها الحقيقي جنرال إسرائيلي. نعم لتعويض جميع الموظفين حسب قانون العمل والعمال من الصندوق القومي.
وإن خنعت منظمة التحرير للضغط بإعادة ترميم أوسلو في المؤتمر الدولي إذا انعقد ، فالقرار ليس لمنظمة التحرير هذه بل للشعب في استفتاء؛ وقرار الشعب هو الفيصل لا قرار المنظمة. إن كنا نريد الصواب فهذا هو الطريق. وإن قال بعضنا :” هذا مستحيل، ” فما علينا قهر الصعاب ولكن علينا ان نقهر المستحيل”؛ وليس في قاموس المقاومين كلمة مستحيل.”
وقف التنسيق الأمني.. الحقيقة والوهم
بقلم: أحمد أبو زهري
أثار قرار الرئيس محمود عباس وقف التنسيق الأمني مع الاحتلال الإسرائيلي موجة من الجدل حول واقعية القرار ومدى جدية السلطة للذهاب نحو هذا المنحى والأغراض التي ينوي سيادته تحقيقها هل هي وطنية هادفة للخلاص من الاحتلال عبر تسخين الأراضي الفلسطينية وصولًا لمواجهة شاملة تنذر باشتعال انتفاضة ثالثة.
أم أنها مجرد دعابة جديدة يمارسها لامتصاص حالة الغضب الشعبي ويروجها أمام العالم كورقة للمساومة يمكن أن تأتي بصيد ثمين يدفع الأطراف الدولية لتمهيد الطريق نحو جولة جديدة من التفاوض تحت صيغة مختلفة تعيد الأمل لمشروع التسوية بعد انهيار أركانه واصطدامه بجدران الاستيطان والتهويد وفرض السيادة اليهودية.
وهذا ما يجعلنا نضع خطوة الرئاسة على طاولة البحث للوقوف على حقيقة الإجراء وفحص إمكانية تحققها على الأرض، فمع تكرار تلويح السلطة بوقف التنسيق الأمني واتخاذها قرارات بهذا الخصوص يرى مراقبون أن المشهد لم يتغير، فقد استمرت اللقاءات الفلسطينية الإسرائيلية، ولم تتوقف مشاهد الملاحقة للمناضلين والنشطاء، كما أن الأجهزة الأمنية في الضفة لم تضطلع بمسؤولياتها في حماية المواطنين في الضفة الغربية في مواجهة الإعدامات والاعتقالات والاقتحامات المتكررة.
ففي الوقت الذي كانت تعلن فيه السلطة وقف التنسيق الأمني كان يحدث عكس ذلك تمامًا، في مفارقة عجيبة بين الموقف السياسي وترجمته في الواقع الميداني، الأمر الذي أفقد السلطة مصداقيتها أمام شعبنا الفلسطيني من جانب، والفصائل الفلسطينية من جانب آخر، وجعلها محط سخرية لبعض الإعلاميين والنشطاء، وأعطى صورة نهائية لما يمكن أن تفعله في ذروة غضبها السياسي من ممارسات العدو الإسرائيلي.
الأمر الذي جعل المواقف العربية أكثر ضعفا لتراجع الموقف الفلسطيني وعدم تحمله المسؤوليات الوطنية تجاه خطر جارف للحقوق، بل زلزال يفتت الوجود الفلسطيني، ويجعل المواقف الغربية أكثر رمادية في تفهم أغراض إسرائيل مع الأمل في إمكانية تحسين ظروف الفلسطينيين، أما الموقف الأمريكي فلن ينكمش أمام سلطة بلا مخالب تحترف الخطابات بالقطيعة في العلن بينما تتودد خلف الكواليس.
لكن ومن يدري فربما لن تكون الفرص دومًا متاحة لاتخاذ كل الخيارات وخصوصًا في ظروف مثل التي تعيشها السلطة، فهي تعتاش على المنح والمساعدات ولديها التزامات تلتف حول العنق، ما يجعلها غير قادرة على مخالفة التقديرات المعهودة، فهي سلطة تحت الاحتلال وليس لديها عصا سحرية لكل الأزمات والمخاطر المحدقة وهذا ما يقوله البعض.
وباعتقادي فإن الاستسلام للظروف الراهنة والتصرف بواقعية تريدها إسرائيل، وعدم الخروج عن المألوف يشكل انتحارًا سياسيًّا خطيرًا قد تتورط فيه السلطة، وتنعدم فيها خياراتها الوطنية أمام العدوان الكبير لالتهام باقي أراضي الضفة وفرض السيادة اليهودية تحت مرأى ومسمع سلطة ما زالت ترسل رسائل التطمين لإسرائيل بأنها غير معنية باندلاع انتفاضة ثالثة ولن تسمح بانتقال الفوضى للضفة الفلسطينية.
الأمر الذي يشير إلى أن السلطة تحاول إخماد النيران في الضفة عبر خفض حرارة المواجهة، ومنع الاشتباك مع العدو الإسرائيلي، لضمان عدم بروز حالة جديدة مناهضة لإسرائيل قد تتشكل في لحظة ما، وتؤثر سلبًا في الأمن الإسرائيلي، وتفرض واقعًا جديدًا تكون فيه السلطة خارج اللعبة وقد فقدت كل شيء رسميا وشعبيا، وهذا ما يدلل بأن خطوة الرئاسة ليست إلا مناورة سياسية لاستعطاف الأطراف الدولية وتحريك مياه المفاوضات المتجمدة وإبقاء الرأس فوق الماء حتى الرمق الأخير.
“حارس القدس” والانتماء القومي لسورية وفلسطين
غالب قنديل
ليست مصادفة ان يكون “حارس القدس ” إنتاجا دراميا سوريا تنتجه الدولة الوطنية السورية المحاصرة والتي تربض على مواردها الكبرى قوات الاحتلال الأميركية وعملاؤها في الشرق بينما تسطو عليها عصابات الإرهاب في الشمال بدعم من الحكم التركي الأخواني اللصوصي الذي نهب معامل حلب وخيراتها ودفاتر زبائنها في المنطقة والعالم بينما يدنس عملاؤه حقول إدلب وكرومها منذ تحرير حلب التي نهضت صناعتها من جديد برعاية خاصة من الدولة.
أولا بالقدر ذاته ليست مصادفة ان يكون المطران هيلاريون كبوجي عربيا سوريا كما كان يردد بصوته الجهوري في جميع المحافل ولا ان يكون عزالدين القسام عربيا سوريا أيضا فسورية هي قلب العروبة وقلعة المقاومة هذا تاريخها وهذا هو موقعها وخيار شعبها وهذا هو سر الحرب العالمية التي شنت عليها من سنوات لتدمير قوتها ولمنعها من مواصلة نموها الاقتصادي المستقل ولمنع تطور قدراتها العسكرية كقوة تحررية داعمة لقوى المقاومة في المنطقة وهي ظلت بقيادة الرئيس البشار على ثباتها السياسي الحازم متمسكة بالمباديء القومية والوطنية واولها تحرير فلسطين ورفض الإذعان لمنظومة الهيمنة الاستعمارية الصهيونية الرجعية في المنطقة وإدارة الظهر لجميع مصنفات الاستسلام والتسوية واتفاقات العار بين العديد من الدول العربية والكيان الاستعماري الصهيوني وهو مسار تأسس من أمد بعيد وتكرس بقوة منذ سبعينيات القرن الماضي.
ثانيا لقد ألهب العمل الدرامي السوري حماس الجماهير وقدم جرعة وعي هائلة وشحنة تعبوية قومية كما خلد شخصية مناضلة أصيلة من خلال سيرة المطران المقاوم هيلاريون كبوجي وأرخ لصفحات مجيدة من نضاله القومي ومن تاريخ الصراع العربي الصهيوني فأحيا قيم العروبة والتحرر الوطني وفي السياق نفسه قدم توثيقا لحقيقة وحدة الحياة والعيش في سورية دون تمييز ديني تجلت فيه الكنيسة العربية بفارسها البهي الذي تنكب دور الفدائي الذي استلهم فيه قيم المسيح واخلاقيات المسيحيين الأوائل في رفض الظلم والثورة على الاحتلال وينبغي ان نقول بكل صراحة إن جميع من عرفوا المطران كبوجي يشعرون بالامتنان لسورية وقائدها المناضل ولوزارة الإعلام التي قامت بإنتاج هذا العمل القيم والغني ونشعر بالعرفان خصوصا للفنان المبدع رشيد عساف الذي جسد بأمانة في الشكل والمضمون شخصية المطران الراحل الذي هو بطل قومي كافح ضد الاستعمار الصهيوني لأرض فلسطين وقاوم الغرب الاستعماري الذي دعم الكيان الغاصب والامتنان موصول لسائر الفنانات والفنانين المشاركين في هذا العمل الرائع والفريد الذي يغني عن آلاف الصفحات في معركة الوعي حول العروبة وسورية وفلسطين وقوة الانتماء الوطني والقومي الواحد في سورية الأبية وقد جاء مميزا جذابا في حواراته وموسيقاه التصويرية وأغنية شارته المعبرة.
ثالثا كما كانت رعاية القائد الكبير الرئيس حافظ الأسد تظلل المطران كبوجي في حله وترحاله ظلت سورية الوفية إلى جانبه في سنواته الأخيرة بتوجيه من الرئيس بشار الأسد وهو كان وفيا لهذه الحقيقة ويرويها لكل من يلتقيه في منفاه وفي المرات القليلة التي تشرفت بلقائه شخصيا وأسرني بمحبته وبانتمائه القوي كان رده الفوري على سؤال الوداع في كل مرة “وصينا يا سيدنا” أرجوك انقل سلامي لسورية ولقائدها الرئيس بشار وللمقاومة ولقائدها السيد حسن وقل لمن تلاقيه اني في كل ليلة أصلي لهما فهما امل الأمة بالتحرروهو لم يكتم دموع الفرحة عندما رويت له في آخر لقاء اخبارا ومعلومات عن انطلاق عملية تحرير مدينته الحبيبة حلب وفي كل لقاء لم يشغله أبدا أي امر عن مناجاة حبيته فلسطين التي أبعد عنها وكان يتحدث عن شوقه لترابها بتوق العاشق إلى المعشوق.
رابعا من أهم مزايا هذا العمل انه قدم فكرة التحرر من الهيمنة الاستعمارية الصهيونية وفكرة وحدة المصير القومي والإخاء المسيحي الإسلامي في الشرق العربي دون الانزلاق إلى الخطابية والتلقين بل حملها في تسلسل درامي طبيعي ومقنع جامعا بين الرواية التاريخية التوثيقية والمعالجة الدرامية وتظهير النسيج الإنساني في سيرة المطران البطل وهي سيرة سورية وفلسطين ولبنان والشرق العربي وما جسده المطران كبوجي وسائر الشخصيات في هذا المسلسل يفوق بفعله مئات المحاضرات وآلاف المنشورات في شرح وترسيخ حقيقة تجذر الكنيسة العربية والمسيحيين العرب في تراب الشرق العربي وفي قوة انتمائهم الوطني والقومي وهو بذلك كان مفتاحا ثقافيا مهما جدا في بلورة وعي شعبي راسخ بعيد عن التلفيق والتلصيق والافتعال ولاشك ان الكاتب والمخرج كانت لهما اليد الطولى في تحقيق هذه الملحمة وتقديمها للمشاهدين وهذا المسلسل يستحق ان يقتنى في كل بيت لتعود العائلات إلى مشاهدته بكل فيه من قيم وأفكار عظيمة استعادت ألقها وحضورها في الوجدان العربي الجمعي بعد حملات تخريب وهدم وتضليل خطيرة تعرض لها العقل العربي خلال العقود الماضية.



جنرالٌ إسرائيليٌّ: الجيش أوهن من الحرب على الجبهتين الشماليّة والجنوبيّة والكيان فقد قدرة الدفاع عن الجبهة الداخليّة والرد سيوقع عشرات آلاف القتلى وتشُلّ قسمًا كبيرًا من البنية التحتيّة
الناصرة-“رأي اليوم”- من زهير أندراوس:
أكّد رئيس الوزراء الإسرائيليّ ووزير الأمن سابقًا، ايهود باراك، اليوم الثلاثاء، أنّه ليس نادمًا على الانسحاب من لبنان، مُعتبِرًا القرار أهّم قرارٍ إستراتيجيٍّ اتخذه خلال حياته العسكريّة والسياسيّة، وفي لقاء مع قناة التلفزة i24news، بمُناسبة مرور عشرين عامًا على الانسحاب الإسرائيليّ من جنوب لبنان، قال باراك: لقد أخطأنا في التعامل مع جيش لبنان الجنوبيّ (جيش لحد العميل)، لكن المصلحة الإسرائيلية غلبت، ولم نشركهم في تفاصيل وموعد الانسحاب، كما قال.
وحول قدرات حزب الله مع الانسحاب الإسرائيلي في العام 2000، الذي يعتبر مقدمة دخول حزب الله إلى العمل السياسي، وتحوله على مر السنوات لاعبًا رئيسيًا إلى حدٍّ بعيدٍ بمفاصل الحياة السياسية في لبنان، وأضاف باراك: ليس الانسحاب من عزز قدرة حزب الله وإنما بقاءنا في لبنان، على حدّ قوله.
وأشارت القناة إلى أن حزب الله، الذي تدعمه إيران بالمال والسلاح، طوّر خلال السنوات العشرين الأخيرة ترسانته العسكرية وقدراته وأسلحته، بما يتخطى قدرات الجيش اللبنانيّ، لافتةً إلى أنّ وزير الأمن الإسرائيليّ الأسبق، أفيغدور ليبرمان، كان قد صرحّ بأنّ حزب الله هو ثاني أقوى جيشٍ في العالم، بعد الجيش الإسرائيليّ، ولكنّه منذ ما يُطلَق عليها بحرب الأيّام الستّة لم ينتصِر في أيّ معركةٍ أوْ في أيّ حربٍ، على حدّ تعبيره.
وأضاف باراك قائلاً إنّ حزب الله لم يتحول إلى هذه القوة الكبيرة بسبب الانسحاب، فقد ازدادت قواته بعد حرب 2006 لأنّ إيران رأت في تسليحه ضرورةً كبيرةً من أجل إحداث توازن مع إسرائيل، في حال قررت الأخيرة قصف المنشآت النووية الإيرانية.. حيث تعاظمت قوة الحزب بين 2006-2011، كما قال باراك.
وذكّرت i24news أنّه في تموز (يوليو) 2006 شنّت إسرائيل هجومًا مدمرًا على لبنان استمر 33 يومًا، وجاء بعد خطف حزب الله جنديين إسرائيليين على الحدود الإسرائيلية اللبنانية، وزاد باراك قائلاً إنّ كل أولئك الذين يقولون إننّا أخطأنا في الانسحاب لا يريدون البقاء في لبنان أو العودة إلى لبنان فهذا يدل على أنّ معارضتهم كانت ناقصة، طبقًا لأقواله.
في سياقٍ ذي صلةٍ، رأى الجنرال في الاحتياط يتسحاق بريك أنّ البيت ما زال قائمًا في مكانه، لكن التصدّع في الذروة مشيرًا إلى أنّ هذا هو الوضع الأمنيّ في دولة الاحتلال الآن، فالكيان فقد القدرة على الدفاع عن الجبهة الداخليّة في الحرب القادمة، كما أكّد في مقالٍ نشره بصحيفة (هآرتس) العبريّة، لافِتًا إلى أنّ رئيس الأركان تطرّق أخيرًا عندما نشر للمرّة الأولى في تاريخ الدولة بيانًا للجمهور بأنّه مطلوب استعداد في الوعي من قبل الجبهة الداخليّة لحربٍ ستكون قاسيّةً بصورةٍ لا تُقارَن مع سابقاتها، بحسب تعبيره.
وشدّدّ الجنرال بريك على أنّ رئيس الأركان، الجنرال أفيف كوخافي قصد تهديد الصواريخ الموجهة الآن من قطاع غزة ولبنان وسوريّة والعراق وإيران، مُضيفًا أنّه مرت 14 سنة على حرب لبنان الثانية، عندما وجدت إسرائيل نفسها مكشوفة أمام إطلاق نار حاد المسار من الشمال والجنوب، ومنذ ذلك الحين، بصورة أكثر شدة في الأنظمة التي تطورت منذ ذلك الحين، تبينّ أنّ قواعد الاشتباك بالمنطقة تغيّرت، وهذا أمر يفهمه العدوّ، وينتظر وهو مفعم بآمال جديدة للقضاء على الكيان بواسطة الـ 200 ألف صاروخ وقذيفة التي في مخازنه.
وتابع بريك: لا يوجد لإسرائيل أيّ ردٍّ عسكريٍّ مناسبٍ على نظام الـ 250 ألف صاروخ وقذيفة الذي بني حولنا في العقد الأخير بإشراف إيران، مُضيفًا أنّه بحسب التقديرات، فإنّه في الحرب القادمة سيتم إطلاق نحو 3 آلاف صاروخ يوميًا على الجبهة الداخلية في إسرائيل، وعدد منها،الذي يزداد باستمرار، سيكون صواريخ دقيقة، وثقيلة، وتحمل رؤوسًا متفجرة تزن مئات الكيلوغرامات، بعيدة المدى وضررها شديد، وكلها تقتضي الاعتراض.
وأوضح بريك: لقد وصلنا إلى وضعٍ لا يوجد فيه لسلاح البر احتياطات ومرونة لتركيز جهد من أجل هجوم في قطاع واحد، مع الدفاع عن القطاعات الأخرى في حرب متعددة الساحات، إضافة إلى محاربة حماس والجهاد الإسلامي بغزة سيكون على الجيش المُحاربة في الساحة المستقبلية ضد حزب الله في لبنان وضد الجيش السوري الذي يملك أكثر من ألف دبابة ووحدات سلاح مشاة وكوماندو.
وشدّدّ الجنرال بريك، الرئيس السابق لشكاوى الجنود في جيش الاحتلال، شدّدّ على أنّ هذه الصواريخ ستتسبب بآلاف القتلى وانهيار البنى التحتية الوطنية ودمار لم نعرف مثله من قبل، مُشيرًا إلى أنّه على الرغم من أنّ الجبهة الداخليّة ستتحوّل إلى الساحة المركزيّة للحرب القادمة، إلّا أنّها لم تحظ في السنوات الأخيرة بالاهتمام والمعاملة الأساسية من قبل الجيش والدولة، في الوقت الذي نما فيه تهديد الصواريخ أمام ناظرينا، على حدّ قوله.